يحز في القلب ما نستيقظ على رؤيته بين الفينة والأخرى من مشاهد أبطالها شباب يضرمون النار في أنفسهم، تعبيرا على الحالة النفسية المزرية التي وصلوا اليها، ومحاولة في الضغط على الأجهزة الحكومية للاستجابة لمطالبهم، وتمكينهم من حقوقهم المشروعة في الحصول على منصب شغل، يضمن كرامتهم الانسانية، ويحقق استقلاليتهم، فيثبتون ذواتهم داخل المجتمع .
شباب تمكن منهم الاحباط،، تلون مستقبلهم بالسواد، طال انتظارهم، وازداد وضعهم سوءا، وظروفهم المعيشية تدهورا، وهل احراق النفس هو الحل؟
الغد المشرق لا يأتي بطرق أبواب الموت، المستقبل الزاهر يحتاج لأجسام سليمة غير مشوهة بالحروق، غير معتلة الأعضاء أو بها عاهات مستديمة . وإلا كيف ستنتج هذه الأجساد، وكيف ستستطيع أن تعطي ثمارا نافعة، وأي جهد ادخر للعمل والعطاء بعد الإقدام على حرق الذات ؟
التغيير يتم بالعزيمة والإصرار والصمود، بمواصلة طريق النضال والكفاح حتى الوصول، بالإيجابية وتجديد النشاط والقوة عند كل محاولة فاشلة لاتكلل بالنصر وتحقيق المطالب .
فيا شباب ، أرواحكم أمانة، ستسألون عليها غدا، لا تحولوا جثثكم الى رماد، لاتبثوا الرعب والهلع في النفوس ولا تنشروا خيبة الأمل في الأجيال الصاعدة، لاتكونوا رسلا لليأس وشيوعه في هذه الدنيا الفانية .
اصبروا فبعد كل عسر يسرا، استمروا في المطالبة بحقوقكم المشروعة بطرق سلمية حضارية راقية، بعيدة عن ايذاء النفس وايذاء الغير.
هي الحياة ، تكشر عن أنيابها وتستفز البشرية لتتبين الراضي بواقعه من الساخط عليه، تضحك من حال ضعيف النفس الذي تخونه قدراته وجهوده بعد طول عناء وتعب، تقف باحترام في وجه من يدرك حيلها ويلاعبها الى أن ينتصر عليها .
يا شباب .. معاناتكم معاناتنا، قضيتكم قضيتنا، عذابكم عذابنا، نقاسمكم المرار الذي تشعرونه، نساندكم في كل الخطوات التي تترسمونها لنيل المراد، الا أن تحرقوا أنفسكم فإننا نختلف معكم .
أنتم اشتغلتم، وناضلتم . درستم وحققتم تحصيلا علميا مشرفا، سهرتم، سخرتم أوقاتكم في الجد، وحرمتم أنفسكم من أشياء كثيرة ، عشتم على أمل إدراكها في الغد القريب، اصطدمتم بواقع يمشي عكس أحلامكم. اعلموا أنكم محط اختبار من رب العالمين، بعد عدة امتحانات اجتزتموها عبر سنوات دراسية طويلة وممتدة، جاء دور الامتحان الإلهي فتجندوا ، تسلحوا بالصبر و الجلد لأن المكافأة عظيمة والجزاء أعظم .
فطوبى لمن شق الطريق في حكمة وثبات ، ولم يستسلم لقساوة الظروف فتهون عليه نفسه ويهلكها .
قال تعالى: * ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة وأحسنوا ان الله يحب المحسنين * .