عربة متهالكة مثل عجوز في رذالة العمر، زحفت مصادفة نحو الشارع الخلفي الضيق، يسبقها صوت كالندب لصرير عجلاتها الصدئة. فهزت رائحة ولذاذة الحلزون المطبوخ بالتوابل الشهية، هدوءه المعتاد. إذ فعلت ببعض المارة ما تفعله حلاوة السكّر مع النحل.
في اليوم الثاني، توقفت بجانبها في نفس المكان، عشر عربات أكثر تهالكا. في اليوم الخامس عشر صار الشارع سوقا لبيع الحلزون اللذيذ. فتضاعف شره الزبناء لهبرته ومرقه، وزاد إقبال الذباب على عيون الأطفال، وفاضت القواقع الخاوية، على الأرض الجرباء، وعلى ممرات الراجلين، وطريق الراكبين، كما تسللت جحافل الحلزون اللزجة إلى المنازل والدكاكين، وتسلقت الشجيرات، وغطت الجدران.
وفي نهاية الشهر، أغلقت قوافل عربات الحلزون الشارع أمام السيارات.