تأكدت رومانية مدينة القصر الكبير باكتشاف نقد ونقائش وأحجار رومانية في الجامع الأعظم من طرف الأستاذ محمد أخريف، وذلك أثناء إصلاحه من طرف المجلس البلدي والمحسنين بين سنتي 1986 و 1992م.
فالتقيشة المكتشفة سنة 1987م هي نقيشة غير مقبرية تؤرخ لبناء أوبيدوم نوفوم للمرة الثانية، وهي النقيشة التي أكدت رومانية القصر الكبير، وقد أدت إلى زيارة بعثة تابعة للمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث للمدينة، حيث فصلت في هذا التوطين بناء على اكتشافات محمد أخريف.
تقول البعثة في تقريرها : ” هذه المعطيات تثبت بطريقة قاطعة بأن مدينة القصر الكبير أنشئت فوق أنقاض مركز هام لآثار عمومية تطابق ” أوبيدوم نوفوم ” في مسلك أنطونان. يقول الباحث عمر أكراز حول هذه النقيشة: ” كما عثر الأستاذ محمد أخريف الذي كان يشرف على عملية الترميم على نقيشة ثالثة من الأهمية بمكان ضمن الأحجار التي كلها تعود إلى الفترة الرومانية”.
ويقول الباحث أحمد سراج أيضا : ” ولقد عثر الأستاذ محمد أخريف الذي أشرف على عملية الترميم على نقيشة ثالثة بالغة الأهمية ضمن الأحجار التي استعملت في بناء الصومعة، وعثر فضلا عن ذلك على العديد من الأحجار المنحوتة على الطريقة الرومانية”، ويضيف قائلا : ” كل هذه الشهادات أثبتت لنا أهمية الموقع في الفترة القديمة وأكدت أن موقع ” أوبيدوم نوفوم ” يوجد تحت مدينة القصر الكبير”.
يقسم تاريخ مدينة القصر الكبير إلى فترتين اثنتين هما : فترة غير إسلامية وفترة إسلامية. أما الفترة غير إسلامية فتتميز بمراحل ثلاث:
مرحلة ما قبل التاريخ:
تناولت عزيب السلاوي القريب من القصر الكبير، وعرباوة، ورسوم ما قبل التاريخ بقبيلتي بني يسف وأهل سريف، وجدها باحثو المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث.
مرحلة التاريخ القديم:
تخص وجود الفنيقيين والقرطاجيين، وهي فترة تأثرت بها مدينة القصر الكبير رغم انعدام براهين أثرية لارتفاع الرواسب بالمنطقة، والدليل على ذلك ما وجده باحثو المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالقرب من القصر الكبير في عزيب السلاوي وعرباوة، وما وجد بجانب السور الموحدي.
المرحلة الرومانية :
وهي المرحلة التي أكدتها البقايا الأثرية، من نقائش مقبرية وغير مقبرية بصومعة الجامع الأعظم، إضافة لأحجار رومانية أخرى بالجامع نفسه بالقصر الكبير . في هذه المرحلة، اشتهر القصر باسم ” أوبيدوم نوفوم “، أي الموقع أو الحصن الجديد الذي ذكره الجغرافي بطليموس في القرن الثاني باسم ” أوسبينوم”، وأثبتت في مسلك أنطونان في أوائل القرن الثالث الميلادي باسم ” أبيدو نوفو”، ولم يظهر إسم ” أبيدوم نوفوم ” في العهد الروماني إلا في فترة متأخرة.
ومن المؤكد أن القصر الكبير مدينة تأسست على يد الرومان، وهم الذين أطلقوا عليها إسم ” أوبيدوم نوفوم “، حيث اعتبرت حصنا أو قلعة لجراسة الطريق الروماني الذي يربط بين طنجيس ووليلي، وقد اختفى هذا الطريق بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، بينما ظلت آثار تدل عليه هنا وهناك مثلما هو موجود لحد الساعة قرب القنطرة التي هدمت أثناء معركة وادي المخازن بجماعة السواكن، ولعل الإسم الروماني مثبت في مسالك الطرق الرومانية لأنطونان.
- المرجع :
كتاب : ” القصر الكبير: معطيات تاريخية وثقافية ( دور التاريخ والثقافة في التنمية، والتعاون، والدبلوماسية الموازية)”، تأليف : محمد أخريف 2020، الناشر: المجلس البلدي لمدينة القصر الكبير، الطبع :مطبعة صوفيا بطنجة.