يتيه الناس في أكثر الأحيان عن السبل التي يسلكونها اتقاء عدد من الشرور والمكاره التي يحتمل أن تقلب حياتهم رأسا على عقب، يهتدي بعضهم إلى البحث في سنن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ليستلهموا منها ما يمكن التأسي به واتباعه لينعموا بالراحة والخير والبركات، ويظل آخرون بعيدين تماما عن هذا الأمر لغفلتهم أو لجهلهم المفرط وعنادهم الشديد.
لقد جعل الله تعالى لنا في رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة لمن يرغب في الاقتداء، ولمن يخشى الضلال الذي يقود في النهاية إلى الخسران، فالحياة بشكل عام تحتاج إلى منهج قويم يتبعه الناس يكون لهم بمثابة الدليل والموجه لبر الأمان، ولعل سنن النبي محمد صلى الله عليه وسلم خير هدي يهتدى به للفلاح دنيويا وأخرويا.
الإسلام يرعى الصبيان والبيوت
جاء الإسلام ليرعى مصالح الناس عموما ويدرأ عنهم الشبهات، فأمر بما فيه خير وسعادة للبشرية، ونهى عما في ثناياه شر وعذاب أليم، فكانت تربية الأبناء من أبرز اهتماماته، وكان الدين الإسلامي الدين الأحرص على مكارم الأخلاق وحماية الأنفس مما قد يلحق بها من أذى، ومثلما اعتنى بتفاصيل حياة الكبار، أوجب للصبيان نصيبا من الرعاية وللبيوت حظا في أن تصان وتحمى مما قد يضر بها ومستلزماتها. وإذا كانت الحياة المتطورة أخذت الناس إلى بعيد وجعلتهم يهجرون العديد من السنن النبوية لانشغالهم الكبير بشؤون الدنيا، فإن المتاعب المحققة حاليا تدعوهم إلى العودة إليها لكونها المأمن الآمن وموطن السعادة الفعلية لهم ولأسرهم وبيوتهم.
كف الصبيان عن الخروج وقت المغرب وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله تعالى
من السنن النبوية المهجورة ترك الصبيان الصغار خارج المنازل وقت غروب الشمس أو وقت المغرب تحديدا، حيث لا ينتبه أولياء الأمور لما قد يصيب صغارهم في هذا الحيز الزمني الذي حذر فيه رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من خروج الأطفال وقت المغرب أو قبل الغروب بقليل، فيستمر وقت المنع حتى تذهب شدة الظلمة التي هي الفترة الزمنية بين المغرب والعشاء، وذلك لأن الشياطين تنتشر في هذا الوقت وتنشط كثيرا فيسهل ايذاء الصبيان لكونهم غير محصنين لا بذكر ولا بقرآن.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهبت ساعة من الليل فخلوهم” . رواه الإمام البخاري ومسلم.
وفي حديث آخر : ” لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء فإن الشياطين تنبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء ” . رواه مسلم.
يفهم من الأحاديث النبوية الشريفة أن الوقت المحدد لعدم خروج الأطفال لما وراء بيوتهم هو عند غروب الشمس أو قبيل الغروب بقليل، حيث صار المنع لزاما ابتداء من غروب الشمس حتى دخول وقت صلاة العشاء فإذا ذهب هذا الوقت رفع الحرج عن خروجهم.
من السنة الشريفة أيضا إغلاق الأبواب أول المغرب وذكر اسم الله تعالى، ولعلها خطوات بسيطة لا تحمل الإنسان مجهودات كبيرة ولا تكلفه طاقة ضخمة، غير أن الغفلة وعدم العناية بهذا الكنز العظيم الذي تركه لنا حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يجعل الحياة تمشي بوتيرة معقدة كلها مصاعب ومتاعب وألوان من العذاب.
فما أحوج أسرنا المعاصرة للنهل من منهل السنن النبوية الشريفة لتنعم بالهناء والاستقرار، وإننا إن فتحنا باب تقصير الأسر في واجباتهم اتجاه الأبناء اليوم فإننا لن ننته ولن تكفينا صفحات وصفحات، وإنه لأمر يحز في النفس أن نرى ما نرى وقد أدار الجميع ظهره لما فيه الخير والأمان، واحتضن الزائل الفاني في لهث مجنون دون اكتراث بالعواقب.