بدأت معرفتي بالصديقة أسماء التمالح وعملها التدويني في شهر مارس 2011م. أذكر أنني قدمت إلى هذه المدينة العزيزة يوم 04 مارس 2011 للمشاركة في حفل تأبين الصديق الراحل محمد أبي الوفاء – رحمه الله تعالى – هنا بالمركز الثقافي. وبعد عودتي إلى أصيلا شرعتُ أبحث في الصحافتين الورقية والإلكترونية عن أصداء ذاك الحفل التأبيني، فكان من النوافذ الإلكترونية التي وجدتها متحدثة عن ذاك الحدث الثقافي مدونة “القلم البريء” لصاحبتها أسماء التمالح.
كانت تلك أول مرة أعلم فيها بوجود مدونة باسم “القلم البريء”، وكانت أول مرة أيضا أعلم فيها بوجود مدوِّنة اسمها أسماء التمالح. ولقد دفعني ما قرأته في المدوَّنة المذكورة عن الحفل التأبيني لأن أرسل إلى أسماء نص الكلمة التي شاركتُ بها في وداع الصديق محمد أبي الوفاء، فعَرَفَتِ الكلمةُ طريقها للنشر في المدونة، وكان ذاك النشرُ مُنطَلَقاً لصداقة مع “القلم البريء” أولا، ومع “مدونة أسماء التمالح” فيما بعد، إذ شرعتُ منذئذ أبعث للصديقة أسماء ببعض المقالات، والدراسات، والحوارات، والنصوص الإبداعية، وكان يسعدني أن يجد ما أرسله إليها سبيله للنشر؛ وذاك ما أسهم في تمتين صلتي بالمدونة وفي مدّ جسور التواصل بيني وبين عدد من القراء والمثقفين بهذه المدينة.
وطوال سنوات النشر بهذه المدونة (من 2011 حتى اليوم) لاحظت عددا من السمات التي تتسم بها أحب أن أذكر بعضاً منها فيما يلي:
– أولا: اهتمامٌ ملحوظ بالشأن المحلي يجلّيه ما كتبتْه أسماء من مقالات في موضوعات تخص مدينة القصر الكبير وما تعيشه من مشكلات.
– ثانيا: انفتاحٌ على الشأن غير المحلي يبرزه ما نُشر بالمدوَّنة من مقالات تناقش قضايا جهوية، ووطنية، وإقليمية.
– ثالثا: تنوعٌ في المواد المنشورة بالمدونة ما بين مقالات ودراسات أدبية، وسياسية، واجتماعية، وغيرها.
– رابعا: محاولاتٌ متكررة من صاحبة المدونة لوضع تقاليدَ لمدونتها تميزها عن كثير من المدونات والمواقع الإلكترونية، ومن هذه التقاليد ما سَعَتْ أسماء لفعله ذات رمضان حينما استكتبت عددا من أصدقاء المدونة، طالبةً إليهم أن يقدموا لقرائها صفحات من مقروءاتهم خلال ذاك الشهر الكريم، وهو التقليد الذي وإن لم ينجح نظرا لظروف كل كاتب والتزاماته فإنه يكشف حِرْصَ المدوِّنة على إفادة القراء، وعلى أن تكون مدونتُها وسيلة لربط مرتادي الشبكة العنكبوتية بما يفيدهم وينفعهم.
وفي تقديري أن ما ذُكر من سماتٍ لهذه المدونة، مع سمات وأمور أخرى من أبرزها جدّية أسماء التمالح، وحبُّها لعملها التدويني، وابتعادُها عن خدمة لون سياسي معين، هو مما جعل هذه المدونة تصنع جمهورها، وهو أيضا مما جعلها قادرةً على استقطاب أقلام هامة بالمشهد الثقافي المغربي والعربي، صارت تنشر إبداعاتها ودراساتها بالمدونة، أو تستجيب لطلبات محاورتها. ونذكر من هذه الأسماء تمثيلا فقط: محمد أنقار، ومصطفى يعلى، وعبد الله بن عتو، ومحمد احميدة، ومحمد سعيد الريحاني، وأحمد الطود، ومصطفى الغرافي…
هذا، ومما يحسن ذكره في هذا المقام الاحتفائي أن اشتغال أسماء التمالح بالتدوين، واهتمامُها الكبير بشؤون المدونة، واجتهادُها في إغنائها وتنويع موادها وتجويدها قد كان له ثمار طيبة أذكر منها تحديدا كتابها المرقون الذي ننتظر أن يرى النور قريبا، وهو الكتاب الذي جمعت بين دفتيه عددا من الحوارات التي أجرتها مع بعض الكتاب وكان نشرُها بالمدوَّنة أول الأمر.
تلكم ملامحُ أو سماتٌ لاحظتُها وأنا أستحضر محطاتٍ ومراحلَ من مدونة أسماء التمالح، وهي ملامح لا أدعي غيابها كلها أو جلها عمَّا في القصر الكبير من مدونات ومواقع إعلامية إلكترونية. وإنما كان حرصي على إبراز تلك الملامح لإعجابي بها من جهة، ولأني أرى فيها مدخلا هاما لتجويد العمل الصحافي الإلكتروني بهذه المدينة وخارجها.
(*) نص الكلمة التي شاركتُ بها يوم الجمعة 12 يونيو 2015 بالمركز الثقافي بالقصر الكبير في لقاء ثقافي بعنوان “الإعلام الإلكتروني بمدينة القصر الكبير، مدونة أسماء التمالح نموذجا”.