أهمية الأدب المغربي الحديث والمعاصر
بمناسبة تكريمه من لدن شعبة اللغة العربية وآدابها، ومختبر أرخبيل للدراسات والأبحاث الأدبية، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، التابعة لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، يوم السبت 27 دجنبر 2014، يسر مدونة أسماء التمالح، أن ترحب بالأستاذ الباحث الدكتور محمد احميدة، في هذا اللقاء الحواري، الذي نأمل منه الاستفادة من خبرته الأكاديمية الطويلة وثقافته الواسعة.
هناك ست مؤلفات أدبية رصينة موقعة باسمكم. علما أنها كلها في الأدب المغربي الحديث والمعاصر. انطلاقا من تجربتكم المديدة مع هذا الأدب، أين تتجلى أهميته؟ وما الأشواط التي حققها خلال القرن العشرين؟.
■ أود في البداية أن أتوجه بالشكر الى المدونة النشيطة أسماء التمالح على استضافتي في هذه الصفحة التواصلية وأنا سعيد بهذا التواصل معكم ومع متتبعي هذه المدونة.
ان الأدب المغربي استطاع أن يحقق على مدى خمسة عقود تطورا ملموسا بل استطاع ان يحتل مكانة متميزة في الساحة الثقافية العربية ’بعد أن كان نسيا منسيا. وقد لعبت الجامعة المغربية دورا أساسيا وحاسما في هذا الباب سواء من خلال ادماج هذا الأدب في مقررات سنوات الاجازة في كلية الآداب أم من خلال الرسائل والأطاريح هيأها العديد من الباحثين الجامعيين في مختلف الجامعات المغربية منذ أواخر سنوات الستين من القرن الماضي.
وفي هذا الباب لا بد من الاشارة الى الجهود الكبيرة التي بذلها عميد الأدب المغربي الدكتور عباس الجراري لادخال الدرس المغربي الى الجامعة المغربية ومساهمته الفعالة في تكوين ثلة من الباحثين الذين اتخذوا من هذا الأدب مجالا لابحاثهم.
شعر الملحون في المغرب، شق من الأدب المغربي، وقد تم إدخاله إلى رحاب البحث الجامعي، بعد صراع طويل ومرير مع نخبة معترضة. ألا تحدثنا عن هذا الإشكال، لقربكم من أهم رائد في دراسة فن الملحون هو الأستاذ الدكتور عباس الجراري ؟. وفي ارتباط بهذا السؤال أيضا، تدركون أكثر مني، دكتور احميدة، أن أستاذكم المشرف الدكتور عباس الجراري، يعتبر رائدا في الأدب الشعبي بالمغرب أيضا، فهل يمكن أن تحدثونا عن الدور الذي لعبته الأبحاث الجامعية الرصينة، في حفظ التراث الشعبي المغربي، من حيث قيمته، والكشف عن جمالية إبداعه الأدبي ؟
■ لقد كان لبعض المثقفين في سنوات السبعين من القرن العشرين موقف من تدريس الأدب الشعبي داخل جامعتنا المغربية وكلنا يعلم أن أطروحة عميد الأدب المغربي الدكتور عباس الجراري تدور حول فن الزجل في المغرب :القصيدة ’وقد لاقى الأستاذ الجراري مقاومة كبيرة لدمج الأدب الشعبي في الدرس الجامعي ،ورغم كل العراقيل استطاع صاحب هذه الأطروحة أن يدمج هذا الشق من أدبنا المغربي في مقررات سنوات الاجازة ،بل ان تهيأ تحت اشرافه رسائل وأطاريح في هذا الباب.
واليوم يلاحظ الجميع ما حققه هذا الأدب في مستوياته المختلفة وما تزخر به الساحة الثقافية المغربية من انتاج، ابداعا وأبحاثا ،بل غدت الجامعة المغربية مركزا محوريا للتناول الأكاديمي لهذا الأدب،وتكفي الاشارة هنا الى التأطيرالعلمي الذي يقوم به الأستاذ الدكتور مصطفى يعلى في هذا المجال على مستوى الماستر والدكتوراه في كلية الآداب ،جامعة ابن طفيل،فضلاعن أبحاثه الرصينة ودراساته الأكاديمية.
ما هي قراءتكم أستاذنا لوضعية اللغة العربية في الوقت الراهن ؟
■ الحديث في هذا الباب ذو شجون، لذا سأقصر حديثي في هذا الباب على الجامعة المغربية “كلية الآداب” وما آلت اليه لغة الضاد في رحابها.
منذ سنوات الثمانين من القرن الماضي وأنا أدرس داخل الجامعة ’وتدرجت في مستوياتها المختلفة من الإجازة الى شهادة الماستر وشاركت في فحص ومناقشة العديد من الرسائل والأطاريح، ومع توالي السنوات وتتابع الأجيال الملتحقة بالكلية اتضح تدني مستوى امتلاك ناصية اللغة العربية من لدن طلبتنا، وبدا البون شاسعا، مثلا، بين أفواج طلاب سنوات الثمانين وبداية التسعين، ومن تلاهم لاحقا، مع المحافظة على إيقاع الانحدار بإصرار عجيب؟؟؟ مع الإشارة إلى بؤر ضوئية تظهر في الزوايا، وكما قيل: في الزوايا خبايا.
وقد تسألين: من المسؤول؟ كل يشار اليه بالبنان….تعددت الأسباب والتقهقر ثابت.
لعل من أبرز أنشطتكم الثقافية، انخراطكم في الفعل الثقافي بنادي الجراري، ترى ما هي أهمية الأندية في تداول المعرفة؟.
■ المجالس الأدبية ليست أمرا جديدا في ثقافتنا العربية فإرثنا الأدبي حافل بالأخبار عن مجالس الأدب للخلفاء وبعض القادة إلى جانب مجالس الأدباء والشعراء والشواعر، بل إن الأمر لا ينحصر في الماضي بل استمر هذا التقليد حتى في المرحلة الحديثة والمعاصرة، سواء في مشرق الوطن العربي أم مغربه (صالون مي زيادة، صالون العقاد، صالون طه حسين…..)
وعرف المغرب بدوره أندية أدبية عديدة في مناطق مغربية مختلفة (الرباط، سلا، مراكش، فاس، سوس، الاقاليم الصحراوية، تطوان، القصر الكبير….) .
وقد انصرف اهتمامي في هذا الباب إلى النادي الجراري بمدينة الرباط، باعتباره أحد أقدم الأندية الأدبية في المغرب بل أقدمها باعتبار الاستمرارية التي طبعت مسيرته منذ تأسيسه على يد العلامة عبد الله الجراري سنة 1930. وقد حرص ابن المؤسس الدكتور عباس الجراري على تطوير عمل هذا النادي الأدبي من خلال أنشطة جديدة ( ندوة عبد الله الجراري، محاضرات الجمعية، جائزة عبد الله الجراري، إقامة ندوات علمية مع مؤسسات جامعية، أنشطة ثقافية مع بعض منظمات المجتمع المدني، توأمة وشراكات مع أندية أخرى من داخل المغرب وخارجه، لها نفس الاهتمامات.
وفي السياق الثقافي الجمعوي ذاته، نود الأستاذ المحترم الدكتور محمد احميدة، أن نسألكم عن تجربة أدبية مهمة، شهدها وسطنا الثقافي في السنوات القليلة الأخيرة. والتي صدر عنها في صمت، عدد من كتب متنوعة، من شأنها أن تغني الخزانة المغربية على وجه الخصوص، والعربية بشكل عام، أقصد تجربة الأربعة. فهلا حدثتنا عن هذه التجربة العلمية النموذجية الرائدة ؟
■ يعتبر مختبر أرخبيل للدراسات والأبحاث الأدبية ( شعبة اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب والعلوم الانسانية، جامعة ابن طفيل، القنيطرة) من أهم القنوات الجامعية المشجعة على الانخراط في البحث العلمي خاصة وأن نواته الأولى تشكلت في اطار مجموعات البح ث،السابقة على مشروع المختبرات، ونحت اسم أرخبيل بازميل المبدع مصطفى يعلى.
وأما الأربعة، فهم جزء لا يتجزأ من مختبر أرخبيل، وهم الأساتذة :
مصطفى يعلى ،عبد الله بن عتو ،أحمد حافظ ،محمد احميدة.
اتفق هؤلاء على تقديم ما يمكن أن نسميه زكاة العلم .كان هم نشر أبحاثهم حديثا مسترسلا كلما اجتمعوا خاصة
(أحاديث الخميس ).من ثم انبثقت فكرة طبع انتاجنا اعتمادا على امكاناتنا المادية الخاصة ،فكان الصندوق الأبيض.
وقد صدر ضمن منشورات الأربعة :
مقدمة للخطاب الصوفي المغربي الحديث:قضايا في المنهج والرؤية،للدكتور
عبد الله بن عتو.
2ـ السرد ذاكرة ،للدكتور مصطفى يعلى.
3ـ دراسات في الأدب العربي بالمغرب الحديث ج، 1 ،محمد احميدة.
4 ـ ضمير الغائب دراسات في مواربات السرد الروائي.للدكتور أحمد حافظ.
5ـ ظاهرة المحلية في السرد المغربي ،للدكتور مصطفى يعلى.
6ـ مظاهر الاتساق في الخطاب الصوفي للدكتور عبد الله بن عتو.
7ـ دراسات في الأدب العربي بالمغرب الحديث، ج، 2،محمد احميدة.
8ـ في خفة العنصر (شعر) د. أحمد حافظ.
9ـ أعشاب المستنقع ’أبحاث في التجربة القصصية لمصطفى يعلى.اعداد وتنسيق د.أحمد حافظ.
10 – أدب الكرامات ’من ميثاق الثقة إلى خطاب التماهي، للدكتور عبد الله بن عتو.
11 ـ في شعرية القصة القصيرة : أعمال مهداة الى الأستاذ الدكتور مصطفى يعلى.
تنسيق د.عبد الله بن عتو.
أجدد لكم شكري وتقديري، مع دعائي لكم باطراد التوفيق والسداد.