استئنافا لنشاطها الإعلامي والحواري، مدونة أسماء التمالح تستضيف الأستاذ عبد الباري المريني ( مخرج الفيلم الوثائقي “رايموندو أرنيط..طبيب الإنسانية”) الذي توج مؤخرا بالرتبة الأولى في مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير، والذي تم تنظيمه بولاية أكادير في الفترة ما بين 21 و 24 ماي 2021.
فيما يلي نص الحوار :
- من أين انبثقت فكرة المشاركة في مهرجان سوس للفيلم القصير؟
فكرة المشاركة في مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير في دورته 13 تولدت لدى مركز التوثيق السمعي البصري بعد تقدم الأشغال في إنجاز السلسلة الوثائقية التي يعدها والتي أطلقنا عليها “قصة مدينة”. والمشاركة ارتبطت أيضا برغبة كل من الدكتور عبد السلام دخان والأستاذ والكتاب المسرحي محمد أكرم الغرباوي في ضرورة خروج هذه الأعمال من دائرة المحلية والوطنية إلى دوائر أخرى بالنظر إلى احترافية إنجاز هذه الأعمال، وتعدد مرجعياتها، ولا ننسى تجربة كل من عبد السلام دخان ومحمد أكرم الغرباوي في مهرجانات سينمائية كبيرة ومتعددة، ووفق تجربتهم فإنهم كانوا مقتنعين بأهمية مشروعنا التوثيقي من جهة والفني من جهة أخرى. وهو أمر اقتنع به المركز وعمل على التوجه نحو المهرجانات ليس من أجل الترويج لإسم المركز أو منخرطيه، بل للتأكيد أن مدينة القصر الكبير شامخة برجالها ونسائها وأنها مدينة التاريخ والحضارة، وينبغي إعادة الاعتبار لهذا الرأسمال الرمزي، وكان أول مهرجان شارك فيه المركز هو مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير ووقع الاختيار على المشاركة فيه بفيلم “طبيب الإنسانية”.
- هل كنتم واثقين من الفوز بالرتبة الأولى في المهرجان؟
صراحة كان هدفنا من المشاركة هو أن يكون المهرجان فرصة لفريق العمل للتواصل مع المهتمين بالفن السابع وخاصة صناع الفيلم الوثائقي، والاستفادة من خبراتهم وتقاسم التجارب، والتعريف بإنتاجات المركز في المجال السمعي البصري وخصوصا سلسلته الوثائقية” قصة مدينة”. ولكننا في نفس الوقت كنا واعين بقوة فكرة العمل وإمكانية خلقه للمفاجأة، وهو ما تحقق ولله الحمد. وبالمناسبة أتقدم نيابة عن المركز بجزيل الشكر للجنة تحكيم المهرجان على ثقتها في العمل، والشكر موصول لإدارة المهرجان التي أبت رغم الجائحة إلا أن يستمر المهرجان في تأدية رسالته، فاهتدت إلى تنظيم الدورة 13 منه بشكل رقمي.
- ما هي الإكراهات التي واجهتكم وأنتم تنجزون العمل؟
أهم إكراه واجه فريق العمل هو الإكراه المادي ليس فقط في إعداد فيلم “طبيب الإنسانية” وإنما باقي حلقات السلسلة الوثائقية، فنسبة دعم المشروع لم تتجاوز 76.81% هذا إذا احتسبنا مساهمة المركز التي تصل إلى 33.91%. راسنا جهات أخرى لدعم المشروع لكنها لم تتجاوب معنا. وبطبيعة الحال لا أنسى إكراه جائحة كورونا التي قيدت حركتنا في تنفيذ المشروع وفي الحصول على ما تبقى من الدعم، ومع ذلك استطاع المركز الوفاء بالتزاماته لداعميه من خلال تضحيات أعضائه في فريق العمل والترجمة والموسيقى .. وبالمناسبة أشكر الجهات الداعمة للمشروع ماليا وهي وكالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالات وأقاليم الشمال بالمملكة، ومجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة.
- لماذا ركزتم على شخصية الطبيب رايموندو أرنيط بالتحديد؟
وقع الاختيار على هذه الشخصية الإسبانية لما لها من أفضال على ساكنة المدينة والمنطقة، والألسن لا تزال تلهج بذكر اسمه إلى اليوم، فقد أفنى هذا الطبيب زهرة حياته في تقديم الخدمات الطبية للمدينة التي أحبها وفضل أن يدفن في تربتها عوض بلده إسبانيا. وسكان القصر يعرفون النبش الذي تعرض له قبر هذا الطبيب، وهو سلوك بعيد عن ثقافتنا وكان محل استنكار كل القصريين والمغاربة، ولهذا فكرنا في المركز بإعداد فيلم وثائقي عنه اعترافا وامتنانا له منا كشباب بما قدمه هذا الطبيب من جهد في سبيل خدمة الساكنة. وهذا العمل هو ثمرة مجهود فريق العمل في المركز ومجهود عائلة أرنيط التي شاركت في العمل من خلال ابنته التي ترعرعت في القصر الكبير وهي ماريا إيزابيل أرنيط وحفيده أليخاندرو أرنيط. وجهود باقي المتدخلين.
- ما هو شعوركم وأنتم تتوجون في هذا المهرجان؟ وهل ستواصلون العمل في الإخراج؟
بطبيعة الحال كان شعورا جميلا، أحسست فيه بأن مجهودات فريق العمل منذ 2013 – سنة تأسيس المركز- إلى اليوم لم تذهب سدى ونالت الاعتراف، وهو تتويج أعتبره تكليفا لنا بمواصلة العمل في المجال السمعي البصري بالاشتغال على أفكار جديدة تنهل من تاريخنا وموروثنا الثقافي.
- حدثنا عن قصة مدينة التي منها تفرع هذا الفيلم التوثيقي عن الطبيب أرنيط ؟
السلسلة الوثائقية “قصة مدينة” هي مشروع توثيقي ضخم يهم إقليم العرائش ككل، هذا المشروع يضم 21 فيلما وثائقيا مترجما إلى لغات عالمية وهي: الإنجليزية، الإسبانية، الفرنسية، البرتغالية. استطاع فيه فريق العمل التوثيق ل 13 معلمة و10 شخصيات تاريخية، و3 ملاحم، وخصص حلقتين للفنون والموسيقى، وحلقتين للحرف والصنائع.
السلسلة هي ثمرة مجهود دام أكثر من ثلاث سنوات؛ مجهود فريق العمل في التصوير والمونتاج والموسيقى والترجمة والداعمين …وقد أعلن عنها في ندوة علمية بكلية الآداب بتطوان بتاريخ 9 أبريل 2021 بحضور مدير أرشيف المغرب.
وصل عدد أيام التصوير في السلسلة ما يفوق 120 يوما، استطاع فيها فريق العمل تصوير 41 مقابلة علمية، و38 شهادة حية، دون الحديث عن آلاف المشاهد المصورة، وبذلك يكون المركز قد استطاع جمع أرشيف سمعي بصري مهم عن المنطقة، سيقدمه في قادم الأيام إلى مؤسسة أرشيف المغرب تنفيذا للاتفاقية التي وقعها المركز مع مؤسسة أرشيف المغرب حتى يستفيد منه الباحثون.
السلسلة نشر منها لحد الساعة ثلاث أعمال في قناة المركز على اليوتوب: tawtik audiovisuel وسننشر باقي الأعمال تباعا على نفس القناة، ويمكن لجميع المهتمين متابعتها والتعليق عليها.
- ما الهدف من توثيقكم السمعي البصري للأحداث والشخوص والأمكنة بمدينة القصر الكبير؟
أهداف المركز من التوثيق السمعي البصري لتاريخ وتراث مدينة القصر الكبير، هو تعريف الجيل الجديد بما تكتنزه مدينتهم من غنى تراثي مهم ومتنوع، وتذكيرهم بماضي أجدادهم وتضحياتهم. وتحسيسهم بأهمية التراث. اشتغالنا على التاريخ والتراث نهدف منه أيضا إيصال رسالة إلى المسؤولين بإمكانية استثمار هذا التراث في التنمية المحلية وتوظيفه في خدمة الدبلوماسية الموازية، وهنا أذكر بالفيلم الوثائقي الذي أنتجه المركز حول معركة وادي المخازن وما تبع عرضه في المكتبة الوطنية بالرباط من مبادرات أثمرت عن توقيع اتفاقية توأمة بين مدينة القصر الكبير ومدينة لاغوس البرتغالية. وسلسلة “قصة مدينة” بها حلقات نتوخى منها إن شاء الله أن تخدم الدبلوماسية الموازية؛ لأنها تعالج وقائع تجمع بين المغرب ودولتي إسبانيا والبرتغال.
- يسأل الكثيرون عن إمكانية مشاهدة هذا الفيلم الوثائقي، وما إن كانت متاحة للعموم أم لا، إن كانت غير متاحة حاليا متى تصير، وأين يمكن للمهتمين والمتابعين مشاهدة الفيلم القصير؟
فيلم “طبيب الإنسانية” سنعرضه كباقي الأفلام إن شاء الله على قناة المركز على اليوتيوب، والمركز يتدارس حاليا إمكانية المشاركة به في مهرجانات أخرى إن شاء الله.
- لمن تهدي هذا الفوز؟
هذا التتويج نهديه للمدينة التي أعطتنا الكثير مدينة القصر الكبير، نهديه إلى كافة سكانها، نهديه إلى روح الطبيب الإنساني رايموندو أرنيط، نهديه إلى كل عشاق الفيلم الوثائقي في المغرب وإسبانيا.
- كلمتكم الختامية.
على سبيل الختم أقول أننا سعينا وسنسعى دائما إلى إبراز العمق التاريخي لهذه المدينة وغنى تراثها؛ حتى تستعيد مكانتها كمدينة عريقة ينبغي أن تنال حظها من التنمية على غرار باقي المدن التاريخية الأخرى.