عرفت الأستاذة أسماء التمالح منذ سنوات بعملها التدويني في الشبكة العالمية (الإنترنيت). ثم ظهر لها أخيرا كتاب حواري بعنوان “مكاشفات في الأدب والفن والإعلام” حاورت فيه ستة عشر أديبا وفنانا وإعلاميا. حدثينا عن دوافع الاشتغال بالحوار؟
فيما يخص الدوافع، قرأت الكثير من الأعمال الحوارية المتنوعة لغيري من المحاورين، وفي كل مطالعة كنت أجد متعة كبيرة، وأخرج باستفادة وبمعرفة عميقة بالشخصية التي تم استجوابها، حتى أني في بعض الحوارات التي مررت بها كان يتولد لدي إحساس وكأني جالست عن قرب الشخصية المحاورة وتجاذبت معها أطراف الحديث جنبا إلى جنب، حتى انتفى الغموض كليا وانجلى مستوى تفكيرها و ذوقها و موقفها وتصورها ورأيها بشكل أوضح.
ومن باب الاعتراف بالجميل وشكر ذوي الفضل، أجدني مضطرة للكشف عن الشرارة الأولى نحو خوض التجربة، والتي انبثقت من خلال متابعتي ومواكبتي المستمرة لما كنت تنجزه أنت وتنشره من أعمال حوارية قيمة، تستضيف من خلالها أعلاما من شتى الحقول المعرفية، كنت أتغذى منها ويشتد حماسي أكثر في أن أنجز مثلها.
انطلقت، وكنت المشجع الأول لي في هذه الخطوة، ولعل أول حوار افتتحت به تجربتي في منتصف العام 2011 حظي بشرف استضافتك، ولعله الآن هو خير شاهد على ما ذكرت، فشكرا جزيلا وجزاك الله خيرا.
يلاحظ في الحوارات المنشورة بين دفتي كتابك “مكاشفات” أنك لا تكتفين بسؤال الذين تحاورينهم عن منجزهم الأدبي أو الفني و الإعلامي، بل تتجاوزين ذلك إلى السؤال عن بعض الأمور الخاصة. ما أهمية هذا الأمر في تقديرك؟
جرت العادة والمنطق أن الأمور الخاصة ملك لأصحابها، وشخصيا أقدس الحياة الخاصة للأفراد وأرفض اقتحام عوالمها بطرق غير أخلاقية ولأغراض سلبية.
السؤال عن بعض الأمور الخاصة في حواراتي كان من باب إضفاء نكهة خاصة على الحوار، بعيدا عن السطحية والأسئلة الروتينية المعهودة، كما أنه جاء من باب وضع بصمة متفردة تميز استجواباتي عن الباقي فتمتع المتلقي أكثر، وتدفع الطرف المستجوب للبوح بما لم يسبق له التحدث عنه أمام الملأ.
هذا إلى جانب أننا حينما نتأمل العنوان ” مكاشفات ” ، فإننا نستشف تلقائيا بأن الأمر يه ثمة أسرار وخبايا تمت المصارحة بها والكشف عنها، وهذا لايتسنى بالطبع مالم يمس الحياة الخاصة للضيف الذي تتم محاورته.
موازاة لهذا، فإني حينما أطرح سؤالا له علاقة بالجانب الشخصي للضيف، أفعل ذلك بتلقائية شديدة ولا أقصد شيئا مضرا، كما أني لا ألزم ضيوفي الكرام بالجواب، بل أترك لهم مطلق الحرية في الرد بالطريقة التي يريدون. الأمور الخاصة في اعتقادي تمنح للضيف فرصة للتعبير عن نفسه وما يخالجها، فتبوح بما لم يسبق لها البوح به من جراء قمع أو كبت لمشاعر أو تجاهل لأمر وتغافل عنه أو ….إذ بمجرد جس النبض تنطق ذاتية المبدع وتتحرر من كل القيود، فتنعم عليه بالتالي بالارتياح النفسي.
كذلك، الأمور الخاصة تغذي إلى حد بعيد فضول المتلقي الذي يكون راغبا في أن يتعرف بعمق على الشخصية المحاورة ومستجوبها وهو يلامس كل الجوانب المرتبطة بها العامة والخاصة، شريطة أن لا يبلغ السائل درجات الوقاحة في طرح الأسئلة.
هل لك أن تذكري لنا بعض الخلاصات أو الفوائد التي يمكن استخلاصها مما أنجزته من حوارات؟
انفتحت مثل غيري من المتلقين على جوانب مهمة من حياة وأعمال نخبة من المبدعين الذين يزخر بهم وطننا العزيز، تعرفت على تفاصيل تجاربهم، استوضحت إنتاجاتهم، قربت صورتهم بشكل جلي من العموم، عرفت بأذواقهم ومواقفهم، وفي الزاوية الأخرى تعرف علي الناس من خلالهم، وصار لي حضور أقوى في الساحة الميدانية ( الثقافية على وجه الخصوص) بعد الحضور الافتراضي على شبكة الانترنيت…
هل في الأفق كتاب حواري جديد بعد المكاشفات؟
بالتأكيد نعم، هناك جزء ثان للمكاشفات موضوع حاليا بيد أحد الكفاءات الأكاديمية المغربية لكتابة تقديم له، وهناك كتب أخرى خارج دائرة الحوار آمل أن ترى النور هي أيضا في المستقبل.