إنجاز : أسماء التمالح
كما هو معلوم، أسدل الستار مؤخرا عن المعرض الوطني للصناعة التقليدية في دورته السادسة، والذي نظم بمدينة مراكش في الفترة ما بين 12 و26 يناير 2020، وقد شارك فيه أزيد من 1200 صانع تقليدي مغربي، مثلوا مختلف جهات وأقاليم المملكة، مع حضور عشر حرف تقليدية جسدت الموروث الثقافي والحضاري المغربي بهذا المعرض، إلى جانب دول صديقة حلت بالمغرب كضيوف شرف.
محمد العربي بوطريق واحد من الصناع التقليديين البارعين في صناعة المنتوجات الجلدية الخالصة، ورث الحرفة عن والده رحمة الله عليه، شاب ينحدر من مدينة القصر الكبير، يشغل منصب نائب رئيس تعاونية دار الدباغة بالمدينة، له إسهامات عدة في مجال صناعة الجلد الطبيعي أهلته لأن يكون ضمن المشاركين في المعرض الوطني المتميز بمراكش، وعلى إثر عودته منها ، كان لنا معه اللقاء التالي :
بداية حمدا لله على سلامتكم، عودة ميمونة لحضن مدينتكم الأم بعد المشاركة في الدورة السادسة للأسبوع الوطني للصناعة التقليدية بمراكش. أخي محمد العربي حدثنا عن المشاركة القصرية في هذا المعرض الوطني؟
-كانت مشاركة متميزة جسدها أربعة أشخاص من مدينة القصر الكبير: سيدتان ورجلان. شاركت المرأتان بإبداعات في مجال الخياطة التقليدية، حيث عرضتا تشكيلة من الألبسة التقليدية وأثواب مطرزة، بينما شارك ثالث بمنتوجات تتعلق بالحذاء العتيق ” الشربيل” و الأحزمة التقليدية ” المضمات”، في حين عرضت أنا بعضا من منتوجاتي الجلدية ركزت فيها بالأساس على المفروشات من الجلد الطبيعي الخالص، مراعاة لحاجة الناس إليها، ولندرة توفرها خارج محلات ” البازار”.
هل كانت مشاركتك الأولى في هذا المعرض؟ وكيف كان شعورك ؟
-نعم، كانت الأولى من نوعها بالنظر لحجم التظاهرة الوطنية ووزنها، ولكونها تنظم تحت إشراف وزارة الصناعة التقليدية، غير أن لي مشاركات أخرى في معارض بمدن خارج مراكش، أذكر مثلا العرائش. أما بالنسبة لشعوري فأنا جد سعيد بهذه المشاركة وأتمنى أن تتكرر بحول الله السنوات القادمة.
هل كان هناك إقبال على المنتوجات من طرف الزوار ؟
-أستطيع القول أن الإقبال كان متوسطا، من العارضين من حالفهم الحظ وباعوا بعضا من منتوجاتهم، ومنهم من عادوا بها كما هي من حيث حملوها إلى المعرض، ربما التوقيت كان غير مناسب وحال دون زيارة الكثيرين ممن هم خارج مراكش لهذا المعرض، وربما برودة الطقس وربما أشياء أخرى لعبت دورا في هذا الاعتدال.
ماهي المشاكل التي يتخبط فيها قطاع الصناعة التقليدية بشكل عام، والصناعة الجلدية بشكل خاص ؟
-مشاكل القطاع لاتعد ولا تحصى، ولم تعد تخفى على أحد، فهناك عدم مواكبة الهيئات المنتخبة المهنية و غير المهنية للصانع التقليدي، وهناك ضعف المجهودات المبذولة من طرف الوزارة الوصية للتعريف بالصانع التقليدي إلى جانب التعريف بالصناعة التقليدية المغربية الأصيلة، وهناك تشجيع الصناعة التقليدية الخارجية على حساب الصناعة التقليدية الداخلية، وهناك تهميش مجموعات الصناع التقليديين في الممرات السياحية، وهناك انتشار الفوضى وغياب التنظيم المهني، وهناك انعدام دورات تنافسية لتشجيع الصانع التقليدي على الإبداع بمنحه جوائز رمزية، وهناك ارتفاع أثمان المواد الأولية، وتسهيل الإجراءات الجمركية أمام منتوجات أجنبية منافسة مقابل فرض ضرائب جمركية على المواد الأولية اللازمة للصانع التقليدي المغربي، وهناك غياب نظام للتمويل المتلائم مع حاجيات القطاع، وهناك غياب المواكبة المستمرة للبرامج والمبادرات المتعلقة بالقطاع كمشروع التسويق المباشر …إلخ.
فيما يخص الصناعة الجلدية، نحن نفتقد لدعم الدولة، ونطالب بإعادة هيكلة دار الدباغة بالقصر الكبير، وبالزيادة في حفر الآبار، كما نشكو من غلاء مادة ” مرموزا ” المستعملة في الجلد.
ما الذي يستفيده الصانع التقليدي من المعارض التي تنظمها الجهات المسؤولة ؟
-المعارض فرصة جيدة لمد جسور التواصل بين الصناع التقليديين بمختلف مشاربهم، فيها يلتقون ويتعارفون وينفتحون على تجارب بعضهم البعض، وفيها يتعرفون على منتوجات غيرهم ويناقشون مشاكل القطاع كل من زاويته.
شارك في المعرض عدد من البلدان الصديقة: تونس، الهند، موريطانيا، الشيلي،أندونيسيا.. هل انفتحتم على صناعات بعضكم البعض وتبادلتم الخبرات فيما يتعلق بمجال الصناعة التقليدية ؟
– نعم، كانت لنا جلسات مع ضيوف بلدنا القادمين من دول صديقة للمغرب، اكتشفنا من خلال مجالسة بعضهم من صناع الفخار غلاء المنتوجات المصنوعة من الطين، وعندما سألنا عن سر الثمن المرتفع، عرفونا على نوع غير مألوف لدينا من الطين يستعملونه في بلدانهم وهو الطين الأسود، هذا مثال بسيط مما كان يغيب عنا ووجدناه حاضرا بالمعرض.
ماذا عن دار الدباغة بمدينة القصر الكبير؟
وضعها لا يسر عدوا ولا حبيبا، واقعها مزري ولا جديد يذكر، أستثني فقط المجهودات التي تقوم بها جمعية مدينتي مشكورة بتنسيق مع هيئات خارجية، غير ذلك مجرد أكاذيب، وإنه لمن العار أن تغرق هذه الدار العريقة تاريخا في وحل التهميش وعدم العناية بها والاهتمام.
هل يمكننا الاطمئنان على مستقبل الصناعة التقليدية من حيث وجود الخلف والجيل الجديد؟
بصراحة هناك قلق كبير، ولا أظن المستقبل يبشر بالخير مادمنا نفتقد من يحمل المشعل من بعدنا.