تطيب، ثم خرج من المنزل، نظيف الروح والجسد والثياب، يرفرف في أعماقه طائر ملون، فرحا بانتعال حذاء جديد، سبق أن اقتناه بعد طول انتظار، في موسم التخفيضات كعادته، مذخرا إياه لمناسبة العيد.
صلى مع المصلين، وكبّر مع المكبّرين، وأنصت مع المنصتين بتأثر لشرح مقاصد خطبة العيد، وتبادل التهنئة مع من على يمينه ومن على يساره. وساعة الانصراف، بحث عن حذائه الجديد، فتفاجأ بتحوله غرابا طار خلال الصلاة، دون أن يلمحه أحد.
ومع ذلك ظلت في نفسه زقزقة أمل، ألا يكون الغراب قد طار فعلا، بل ربما نسي أين حبسه، أو أنه يتدفأ بين إبطي مصل خطأ، إذا لم يكن أحدهم قد انتعله سهوا. وعندما انفض جمع المصلين، وانتبه إلى أنه بقي وحده يفتش وينعق كالمخبول، ردد: (لا حول ولا قوة إلا بالله). ثم غادر المصلى إلى داره حافيا.