اختتمت مساء الأحد 30 مارس 2014 بدار الثقافة، في مدينة القصر الكبير، فعاليات مهرجان المسرح، الذي نظمته جمعية النوارس للتنمية والابداع، في دورته الأولى ( دورة الكاتب المسرحي رضوان احدادو)، تحت شعار:
” الحراك المسرحي بين الأمس واليوم”
وقد تميز الحفل الثقافي بتقديم ندوة علمية حول ” الحراك المسرحي بالقصر الكبير .. بين الأمس واليوم ”، أشرف على تسييرها الأستاذ مظفر هياضة، بمشاركة الأستاذ المؤرخ ” محمد اخريف” ، والشاعر الأستاذ مصطفى الطريبق، والأستاذ محمد أهواري”، إلى جانب المحتفى به الكاتب المسرحي المعروف” رضوان احدادو” .
تناول الكلمة في البداية الاستاذ هياضة، الذي رحب كالعادة بالضيوف الكرام وبالجمهور الحاضر، قبل ان يتحدث عن الأستاذ ” رضوان احدادو”، الذي نقل عنه كلاما دار بينهما في الكواليس، يقول : “يصنفونني في المنهج الاحتفالي وأنا كتبت قبل الظاهرة الاحتفالية” .
مباشرة استمع الحاضرون إلى كلمة الأستاذ أخريف عن المسرح، والتي ذيلها بوثائق مهمة، أخبر أنها تعرض لأول مرة على الجمهور، مجيبا على عدد من الأسئلة من قبيل : لماذا نجد المسرح بالقصر الكبير؟ ماهي الخلفية؟ مجيبا بأن المسرح يرجع الى عهد بعيد، وبدايته بالقصر الكبير مثل بداية أي مسرح في باقي مدن المملكة، وهي بداية تعود لعناصر التواصل بين القصر الكبير وفاس، والتواصل الذي كان قائما بين القصر الكبير والشرق، كما تعود إلى دخول الإسبان للقصر الكبيروتأسيسهم لـ ( مسرح بريز كالضوس) الذي كان له تأثير على سكان القصر الكبير، وكانت سعته تضم 1000 متفرج .
وخلال مداخلته هذه، عرض الأستاذ اخريف كذلك، مجموعة من الصور والوثائق، نذكر منها صورة تعود لعام 1931 فيها صورة عالم ومسرحي، وجريدة تعود لعام 1936-1937 بها رسائل لحزب الاصلاح الوطني، ووثيقة موجود فيها التماس حزب الاصلاح الوطني لعرض مسرحية في مدينة القصر الكبير وإرسال مبعوثين عنه لإلقاء كلمة بالمناسبة، ووثيقة تعود لعام 1939 وأخرى موجودة بجريدة الوحدة سنة 1931، ووثائق أخرى محتفظ بها في الإرشيف غير منشورة، تثبت حركة ونشاط المسرح في مدينة القصر الكبير. وقد خلص الأستاذ أخريف في معرض كلامه، الى أن المسرح بالمدينة، هو متجذر وله مكانته بين سكان القصر الكبير، إذ لطالما أحبوه ومالوا إليه.
أما الكلمة الثانية، فقد تناولها الأستاذ ” محمد أهواري” الذي أشار الى ان مدينة القصر الكبير، هي مدينة أنتجت مبدعين ومثقفين، شاكرا الساهرين على تنظيم هذا المهرجان، الذي اعتبره بحق تكريما للمسرح برمته، لأنه حضور وإطار وكيان مجرد، تأتينا تمثلاته من خلال هؤلاء . يقول أهواري:” هنيئا للمدينة بالتجربة الإبداعية المسرحية للأستاذ رضوان احدادو، فهو متعدد الأطراف في الإبداع، يضع قالبا وجوديا خاصا به موصولا بالعمق الاسلامي ( طارق الذي لم يعبر)، مسرحية ( المتنبي الذي يخطئه زمنه)”. ثم يتابع الأستاذ أهواري : ” رضوان احدادو هو مسرحي احتفالي ولكنه لا يرتكن الى الاحتفال، انه لا يستقيم حتى لهذا التصنيف، وهو القائل عن نفسه “لا تعذبوا أنفسكم في تصنيفي انما أنا خلطة حرية” .
لقد التحق ” احدادو” في الخمسينات بورشات التدريب، وكان ممن تمتعوا ب 3 سنوات من التدريب بالمسرح، ثم انتقل الى مصر مع الراحل الريسوني وكانت مناسبة للاطلاع على المسرح المصري. إن مسرح الشمال بأعين ” رضوان احدادو ” هو مسرح مهمش، لذلك ألف حوله سلسلة وازنة في جريدة ” الشمال” (ذاكرة الشمال: 700 حلقة)، وان مدينة القصر الكبير كما يتحدث عنها ” رضوان احدادو” هي مدينة تتمتع بمبدعين وبتجربة وازنة”.
ويواصل محمد أهواري حديثه عن المسرح، فيقول : “ظهر المسرح كحركة مقاومة منتفضة في وجه المستعمر، ومن الطرائف أن نجد الفقهاء هم الذين حرضوا على تحريك أدوات المسرح انطلاقا من روافد شعبية (الحلقة، سلطان الطلبة، البساط، عبيدات الرمى ….)، فهذا المسرح بدأ يتحرك في وجه الاستعمار من المقاومة الى مساءلة الذات فينصهر مع السياق السياسي والفقهي ليكون هناك مسرح مغربي أصيل . إن الحركة الاحتفالية عند ” رضوان احدادو” تقوم على ثلاثة عناصر هي: النحن،والهنا، والذات وإن آخر أعماله هي ( الباب والرأس).
وجاءت كلمة الشاعر ” مصطفى الطريبق” ملخصة كما يلي:” أشد بيد الحب الجارف والشوق الكبير على أيدي أفراد جمعية النوارس التي أبت إلا أن تحتفل بالمسرح لأن القصر الكبير هي مدينة المسرح بحق. فقد كانت الفرق تتأسس في الزوايا والمساجد وهذا لم يكن إلا في القصر الكبير حيث كان القصريون وطنيين أقحاحا. في سنة 1933 أرادت المدرسة العبرية تمثيل مسرحية بمسرح ” بريز كالضوس” أسيء فيها للعرب أثناء دخولهم الأندلس، فقام وطنيو القصر الكبير ضد هذا المسرح وشنت مظاهرة عنيفة . في المدرسة الأهلية الحسنية.
كان في القصر ممثلات فتيات أذكر منهن ” أمينة المراكشي” ، وهناك فتيات أخريات مثل : زينب المراكشي، بديعة مزيان، وفاطمة العروسي، وهذا دليل على أن الوعي كان موجودا بالقصر الكبير .
رضوان احدادو اهتم بالمسرح في القصر الكبير، وكتب في جريدة الشمال ثلاث حلقات عنه سنة 2001، فالمسرح تأسس في القصر قبل الثلاثينات، وفي القصر كان هناك جمعية الشريعة وجمعية باب الواد شغلهما الشاغل الثقافة والمسرح” .
أخيرا، جاء دور المحتفى به، الكاتب المسرحي الأستاذ ” رضوان احدادو” ، فألقى الكلمة الأخيرة، حيث صرح من خلالها أن مدينة القصر الكبير أعطت الكثير في الوطنية والجهاد والفن والمسرح ومجالات الإبداع، وقال مخاطبا القصريين: ” أنتم حفدة معركة وادي المخازن ، شكرا لجمعية النوارس، شكرا لكل الأصدقاء وشكرا لكل الكلام الذي قيل في حقي. المسرح لم يولد من أجل أن نبهر الناس، المسرح ولد حبا وعشقا من أجل هذا الوطن” .
ثم واصل ” احدادو” كلمته بقوله: ” أحببت المسرح قبل أن أعرفه، أحببته وأنا طفل صغير جدا من خلال ما كنت أسمع في البيت، إذ كان لي أخ مرتبط بحزب الإصلاح الوطني ومرتبط أساسا بفرقة الفتيان المسرحية التابعة لهذا الحزب، فعشقت الحزب قبل أن أراه . وحينما دخلت المسرح دخلته ولم أخرج منه حتى هذه اللحظة، ولذلك يمكن أن أقول إن الحركة الوطنية تبنت المسرح لماذا؟ لأنها رأت فيه وسيلة أقرب طريق وأقرب قنطرة للتواصل مع الجمهور، ورأت فيه أيضا وسيلة لتمرير الخطاب الوطني، وإلا ما معنى أن تقدم فرقة ما مسرحية؟، وعندي وثائق هامة عن مسرحيات قدمت في القصر الكبير وقام في آخر العرض زعماء وطنيون يخطبون في الناس ” . إننا في جهة الشمال ظلمنا في تاريخنا، ظلمنا في تاريخنا الوطني، ظلمنا في تاريخنا الفني، وظلمنا في كثير من المجالات . وآن الأوان من هنا ومن الآن أن نفكر معا كيف نعيد للمسرح القصري توهجه، تألقه، حضوره، سمعته وقوته التي كانت، وأيضا كيف نرد للمسرح على مستوى هاته الجهة ذاك الحضور الذي كان ” .
بعد ذلك، تناوب على الميكروفون كل من الأستاذ عبد الواحد الزفري، الذي قدم خلاصات تقيمية للمهرجان وأعلن عن لائحة الفائزين به، السيد سعيد خيرون الذي هنأ الجمعية عن نجاح مهرجان المسرح، مفيدا أن المجلس البلدي لم يتأخر في الدعم وتقديم يد العون والمساعدة، في غياب أي تدخل من الجهات المعنية الاخرى، من قبيل وزارة الثقافة ووزارة الشباب. أما كلمة رئيس جمعية النوارس للتنمية والابداع السيد عبد المطلب النحيلي فتقدم بالشكر الجزيل لكل الفعاليات التي شاركت من قريب او من بعيد في إنجاح هذا الاحتفال الجميل بالمسرح، مؤكدا انها الدورة الأولى، وسيكون الجمهور على موعد ثان مع الدورة الثانية منه، السنة القادمة بحول الله.
وفسح المجال في الأخير، لتقديم الهدايا والشواهد التقديرية، كما أعطيت الانطلاقة لافتتاح رواق ” رضوان احدادو” من أجل توقيع كتبه لكل الراغبين في الحصول على نسخ من أعماله .
يشار في الختام الى أن مهرجان القصر الكبير للمسرح في دورته الأولى، التي خصصت للكاتب المسرحي ” رضوان احدادو” كان قد انطلق يوم 26 مارس 2014 بالقصر الكبير بعرض مسرحي لفرقة “ايرت ايج “من طنجة، بعنوان: ” 359 درجة”، وفي اليوم الموالي قدم عرض مسرحي جديد لفرقة النوارس بالقصر الكبير، بعنوان ” القضية وما فيها” ، وعرض مسرحي ثالث لفرقة تطاوين من تطوان عنوانها ” بحث” ، وعرض مسرحي رابع معنونة بـ : ” الكسولة” لفرقة الياسمين من أصيلة.
وفيما يلي، لائحة الفائزين التي أعلنت عنها لجنة مناقشة العروض بمهرجان القصر للمسرح:
– أحسن سينوغرافيا حصلت عليها مسرحية ” الكسولة” لفرقة نادي الياسمين بأصيلة .
– أحسن نص مسرحي، كان من نصيب جمعية النوارس للتنمية والإبداع بالقصر الكبير عن عرض” القضية وما فيها ” .
– أحسن إخراج، كان من نصيب يونس الدغمومي بفرقة بارطاج من طنجة .
– أحسن ممثلة، هي ” صباح العمراني” فرقة بارطاج من طنجة .
– أحسن ممثل، لسعد مجد، عن فرقة بارطاج من طنجة .
– أحسن عمل متكامل، عاد لمسرحية 359 درجة لفرقة بارطاج من طنجة .