يعاني الناس مع حلول كل رمضان من تقلص ساعات نومهم ومن اضطرابات في النوم، بحيث تنقلب حياتهم رأسا على عقب بفعل التغيرات الكثيرة التي يعرفها مستوى تدبير وقت ومواعيد الأكل والنوم، وإذا كان ليل الناس يتحول إلى نهار، ونهارهم إلى ليل، فإن ذلك من شأنه التأثير في الحالة العامة للإنسان بما فيها المزاجية والجسمانية والوظيفية.
يستدعي النظام الطبيعي للنوم واليقظة مع ما يرتبط به من نشاط الوظائف العقلية والحركية لدى الإنسان عناية خاصة، تفاديا لحدوث أي خلل قد ينعكس بالسلب على الصحة والنشاط الجسماني والعقلي والنفسي. فساعات النوم في رمضان تقل إلى درجة تنعدم لدى بعض الأشخاص، حيث ينقسم الناس إلى ساهرين يخافون فوات وقت السحور عنهم، وإلى آخرين يقومون الليل ويؤدون العبادات، وهؤلاء معا غالبا ما يعوضون ساعات نومهم الليلية بالنوم في النهار، رغم أن نوم الليل لايمكن تعويضه بأي شكل من الأشكال.
كما أن هناك فئة أخرى نائمة طول الليل، بعدما أثقلت كثرة الأطعمة بطونها وسلمتها في يسر للخمول والكسل، في حين هناك من الناس من يقضي نهار صيامهم نوما، ولا يستيقطون إلا على صوت أذان المغرب لتناول فطورهم، وذلك هروبا منهم من الشعور بالجوع أو العطش أثناء الصيام.
قد تختلف الظروف الداعية إلى الأرق وعدم النوم أو قلة ساعاته، لكنها تلتقي في نقطة واحدة هي عدم تنظيم الوقت بغاية الاستفادة من ساعات النوم الطبيعية المعتادة بشكل عادي، والتي يحددها المختصون على الأقل في سبع ثمان ساعات يوميا، حفاظا على اللياقة الفكرية والصحة العامة للإنسان.
النوم آية من آيات الله تعالى، ومادام السهر أمرا حتميا لا مفر منه في رمضان، فلنحاول استثمار وقته في العبادات بدل قضائه في الغيبة والنميمة وتتبع عورات الناس وما جاوره من مفسدات، فالهدف من رمضان هو التكفير عن ذنوب السنة بحالها، وليس مضاعفتها والزيادة فيها، ولنحاول ما استطعنا منح أنفسنا حقها من الخلود للنوم وفق ماهو منصوح به طبيا، كي يتسنى لنا القيام بواجباتنا الدينية والدنيوية على أحسن وجه.
يقول الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا﴾ الفرقان: 47. ويقول وهو أصدق القائلين: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾الزمر: 42.
2 Comments
ذ محمد الموذن
موضوعومفيد يحفز الناس على اختلاف مشارفهم على تنظيم الوقت. فالعبرة في تدبيره واستثماره، والنوم راحة لجميع أعضاء الجسم، واستراحة مؤقته للدماغ والحواس، وأحسن وقت النوم هو الليل، وهو يزود اﻹنسان بطاقة وحيوية متجددة.
شكرا أستاذة أسماء على طرح هذا الموضوع المهم، فقلة النوم تؤدي إلى الارتخاء والهون الجسدي، والخمول الفكري، والقلق النفسي.
أسماء التمالح
بوركت أستاذي الفاضل. شكرا لمرورك الطيب. كل عام وأنت بألف خير.