السلام على المنظمين لهذا الاحتفاء المستحق، وعلى المشاركين بأوراقهم الكريمة فيه، وعلى الحاضرين والمتابعين لفعالياته.
وددت لو حضرت معكم وشاركتكم الاحتفال بقيمة إعلامية مائزة، بنت مدينة القصر الكبير الأصيلة، أسماء التمالح؛ لولا مستلزمات الحياة وإكراهاتها اليومية.
وحتى لا أطيل، احتراما للمساحة الزمنية المتاحة، أشير إلى أن هذه المدينة العريقة الولادة، كما كانت دائما في ماضي زمنها، ما انفكت تمد الساحة الثقافية والإبداعية والفنية والإعلامية والسياسية، برموز يغنونها محليا ووطنيا وعربيا، على صغرها ومحدوديتها، يحتاج الأمر إلى مساحة ورقية شاسعة وزمن أوسع، ليتيسر عرض لائحة أسمائهم هنا.
واليوم ها أنتم تحتفون بنموذج رائع على مستوى الفاعلية الإعلامية. بدت لي من خلال متابعتي اليومية من بعيد، لصفحتها ومدونتها المميزتين، في منتهى الجدية والمثابرة على الاعتناء بثلاث قضايا نوعية، ذات تفريعات شمولية تغطي كل الحقول المعيشة في المدينة والوطن معا. وأقصد اهتمامها دوما وأساسا بثلاث قضايا:
الأولى مرتبطة بالاهتمام بمدينة القصر الكبير، حضاريا واجتماعيا وتربويا وأخلاقيا. فالأستذة الفاضلة أسماء التمالح لم تتأخر دوما، إن في جدارها بالفيسبوك وإن على صفحات مدونتها، عن متابعة أخبار المدينة المتنوعة، مشيدة بالمبادرات الطيبة، ومستنكرة مظاهر الغبن والرداءة والإهمال، التي تطول المدينة المهمشة. كما أنها لا تتوانى عن تغطية مختلف الأنشطة التربوية بالمؤسسات التعليمية المحلية، والتظاهرات الرياضية، من سباقات وكرنفال ومناسبات فكرية وإبداعية ولقاءات ثقافية، في اهتمام خاص برجالاتها، وإجراء المقابلات الضافية مع أكبر عدد ممكن منهم، والتعريف بتوجهاتهم واهتماماتهم وإصداراتهم. من غير أي تهميش لمتابعة منجزات المجلس البلدي وأنشطته، ومؤاخذته إذا تطلب ما يبدر عنه من سلبيات.
وبكلمة واحدة، إن لأسماء التمالح غيرة نادرة على مدينة القصر الكبير، من منطلق حب شبه صوفي لها ولماضيها وحاضرها، واستشرافا لمستقبلها.
والقضية الثانية، تنصب على وضعية المرأة وحقوقها. فهي طالما كتبت المقالات المدافعة عن المرأة عامة والمرأة القصرية خاصة، دفاعا حارا ومتحمسا، في وجه ما تتبينه من معاناتها من مظالم اجتماعية ومادية وسياسية، داخل مجتمع ذكوري ضيق لا يرحم. وفي هذا الصدد، تنبري في موضوعية محمودة للتنويه بفضائل المرأة القصرية ومساهماتها الفكرية والثقافية والرياضية والسياسية وما إليها. لكنها لا ترحم أبدا بالنقد والاستنكار ما ينم عن بعضهن من رداءة وميوعة وتبرج ووصولية وانتهازية وجري وراء نجومية موهومة.
أما القضية الثالثة، فتتصل بالالتزام الديني الصادق لديها، في صورته النيرة السمحة. فهي في كتاباتها بهذا المجال، تبدو متسلحة بالوعي العقائدي السليم، البعيد عن الشعوذة والفتاوى المغرضة أو المشوهة للحقائق الدينية. ومن هنا نجد صفحتها ومدونتها على الشبكة العنكبوتية، غالبا ما تتسلح بالآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة والأقوال الحكمية المأثورة، باعتبارها مرجعيات موثوقا بها، تساعد على تدعيم ما تطرحه من أفكار ومواقف للمناقشة والإفادة في هذا الشأن، الذي اختلط فيه الحابل بالنابل للأسف، خلال السنوات القليلة الماضية.
وعطفا على كل ما سبق، يسرني أن أكرر تنويهي بمبادرة الاحتفاء ببنت القصر الكبير أسماء التمالح، إلإعلامية المثقفة والجمعوية النشيطة المتميزة، المتطوعة في إيثار نادر لمصلحة مدينتها على كل مصلحة، دونما انتظار لجزاء معنوي أو مقابل مادي، وذلك من منطلق مبدإ خدمة مدينتها هي خدمة لكل وطنها.
فإليها كل التحية، اعتزازا وفخرا بها وبجهودها التي تشرف المدينة والوطن على السواء.