ثورية الديوري .. سيدة مغربية امتهنت التعليم قبل إحالتها على التقاعد، معروفة في محيطها بلقب ” أستاذة الأجيال” إذ تعد من الرعيل الأول لنساء التعليم، وقد اشتهرت بكونها أول فتاة حصلت على الشهادة الإبتدائية بمدينة القصر الكبير، وذلك عام 1947 حيث تخرجت من مدرسة التقدم للبنات التي أسستها والدتها الراحلة العزيزة الأزرق.
استغلت الأستاذة ثورية الديوري ظروف جائحة كورونا وفترة الحجر الصحي لإنجاز عمل مفيد ترجو أن يعود بالنفع على الأمة وعليها في الدنيا والآخرة، حيث كرست وقتها لنسخ القرآن الكريم وكتابته بيديها سورة سورة وآية آية إلى أن أنهته تماما، وقامت بطبعه ونشره.
تحكي ثورية الديوري عن هذه التجربة وتقول أنها لم تشأ أن يمر وقت الحجر الصحي في الفراغ، أو في فعل مكروه من قبيل النميمة والغيبة والقيل والقال وما شابهه، وجدت نفسها تفكر فيما يمكن أن تستثمر فيه هذا الزمن العصيب الذي منع فيه الناس من مغادرة البيوت إلا لضرورة ملحة، فاغتنمت فرصة وجودها بالرباط، والتزمت البيت مثلما كان مطلوبا تفاديا لأي إصابة بالوباء الفتاك كورونا، واهتدت لأن تخط كتاب الله عز وجل بيديها دون أن تهتم بما يمكن أن يواجهها من تعب وعناء وهي على أبواب التسعين عاما.
كانت الأستاذة الديوري تشعر بمتعة روحية كبيرة وراحة نفسية عظيمة وهي تكتب كما صرحت، وكانت متحمسة جدا يشكل يومي لحمل القلم بين يديها ومواصلة ما بدأت كتابته من كلام الخالق سبحانه. لم تستعمل الحبر أو ” الدواية” في الكتابة، بل عوضته بقلم من نوع feutre احتاجت للكثير والكثير منه كما قالت لكونه سرعان ما يجف، مما اضطرها كل حين لاستبدال قلم بآخر جديد لمتابعة الكتابة.
ومازالت ثورية الديوري كما حكت تحتفظ بعدد من الأقلام التي استعملتها، فقد عز عليها التخلص منها وقد خطت قول الكبير المتعال، فرغم أنها لم تعد صالحة لشيء إلا أنها آثرت الاحتفاظ بها.
إن كتابة المصحف الشريف آبة آية وسورة سورة مع مراعاة العديد من الشروط والضوابط المطلوبة مع وجوب الدقة في الاشتغال لم تكن بالمهمة السهلة أبدا، لأجل ذلك استغرق عمل الأستاذة الديوري سنتين كاملتين وهبتهما من فترات ليلها ونهارها سعيا لتحقيق المبتغى.
إنها المرأة المغربية حين تعقد العزم والإصرار على بلوغ مرادها، وما ثورية الديوري إلا واحدة من المغربيات الكثيرات اللواتي حق لنا الفخر بهن والاعتزاز بعطائهن، فليدمن ولتدم لهن نعمة الصحة والعافية، وليبارك الله تعالى في عمرهن ويجازيهن خيرا على حسن صنيعهن.