في تواصل هادىء منطقي وسلس، قدم البروفسور عز الدين الإبراهيمي رأيه الشخصي وإجاباته الصريحة حول الأسئلة المشروعة التي يطرحها فئة من المواطنين المغاربة، ويسعد مدونة أسماء التمالح أن تنقل لمتابعيها الأوفياء وزوارها الكرام ما كتبه البروفسور الإبراهيمي تنويرا للرأي العام وتضامنا مع فئات الشعب التي تتطلع للخروج من الأزمة الوبائية الراهنة. فيما يلي ردود البروفسور على أسئلة بعض المواطنين:
1- واش كورونا كتخرج بالليل فقط ؟
رغم أن صيغة السؤال مستفزة فسأجيب عنه بالخشيبات: إذا اعتبرنا أن الحركية خلال اليوم و في إطار الإغلاق الليلي الحالي من الثامنة مساء إلى السادسة صباحا هي ” 100 في المئة”، فإن رفع و حذف هذا الإغلاق و ل12 ساعة إضافية سيؤدي إلى رفع الحركية على الأقل إلى ” 200 في المئة” ،و لا سيما مع عاداتنا في شهر رمضان الفضيل (100 ديال الليل زائد 100 ديال النهار).
هل يمكن لأي أحد منا و بمنطق علمي أن يثبت أن هذا الارتفاع لن يؤدي إلى تفشي الفيروس و انتشار المرض؟
هل لن نكون بذلك نجازف بالوضعية الوبائية الشبه مستقرة لاسيما و أرقام جهة الدارالبيضاء تقلق ؟
هل بذلك، لا نغامر بخروج سريع من الأزمة و نضيع الصيف و كل لبنه؟
أظن أن كل هاته الأسئلة المشروعة كذلك تم تداولها خلال أخذ القرار التدبيري، و الذي لا يحضره أعضاء اللجنة العلمية، مما يصلني بالسؤال الموالي:
2- واش اللجنة العلمية هي اللي كتقرر؟
بالطبع لا، فهي تعطي توصيات تؤخذ بعين الإعتبار ككل المعطيات الأخرى الاقتصادية والمجتمعية و اللوجيستيكية الصحية لأخذ القرار التدبيري المسؤول، و هذا ما يصعب الجواب على السؤالين المقبلين لكل من لا يلم بكل حيثيات القرار التدبيري .
3- شنوا عا نديرو مع اصحاب القهاوي و المطاعم؟
أتسائل كمواطن نفس السؤال، و أظن أنه على مدبري الأمر العمومي أن يخرجوا بقرارات واضحة في شأن الدعم المادي الذي سيقدم لهؤلاء المتضررين، و كمواطن أظن أنه بجانب الدعم المؤسساتي يجب أن نتضامن و نتأزر كأشخاص مع مغاربة هذه القطاعات.
لا أتفهم كيف أن رواد المقاهي الذين نسجوا علاقات إنسانية مع النادلين و أرباب المقاهي و المطاعم لا يتضامنون معهم ماديا و لشهر واحد، شهر الإخاء و المحبة و ليس الصدقة، لأني لا أرى هذا الدعم كذلك بل أراه واجبا وطنيا.
“شوي من عند الدولة و شوي من عندنا و ها الشهر فايت إن شاء الله” ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).
4- هادو مسلمين؟ لي حرمونا من التراويح
الله.. الله.. علاش أخاي ؟؟ حبي و تعلقي برمضان و التراويح لا حد لهما. فشخصيا، ومن أسباب عودتي للمغرب هو “القهرة” ديال رمضان في بلاد الغربة. و هنا أوجه تحية محبة خاصة و خالصة لمغاربة العالم في هذا الشهر الفضيل، فأنا كلما حملت سجادتي و ذهبت لليلة من ليالي رمضان، إلا و حمدت الله على أن مكنني من بلوغ شهر رمضان “الحبيب” ببلدي و بين إخوتي.
أرفض أن يزايد علي أحد في تعلقي بالتراويح، فأنا في رمضان و بالتراويح أجدد عهدي مع الله جل و علا و قرآنه الكريم و نهج المصطفى الحبيب. أحب كثيرا أن أعود إلى “سيرة الصحابة” و غزوتي أحد و بدر الرمضانيتين، و رغم كل هذا التعلق فقد كنت قررت أن لا أحيي التراويح بالمسجد هذا العام، لأنه لا يمكنني أن أجازف بإيذاء أي مسلم و أغامر بحياة أي مغربي بسبب ذلك، مع العلم بل أنا على يقين أن رمضان هذه السنة سيكون أفضل من سابقه و أكرم إن شاء الله، فكالمألوف سيكون أوله رحمة و وسطه مغفرة و آخره عتق من النار، و حفظ لأرواح كثير من المغاربة.
5- حتى لين؟… و إلى متى؟
تصوري الذي قد يخطىء و قد يصيب، بنهاية الشهر الفضيل نكون قد وصلنا إن شاء الله إلى منتصف شهر ماي، وكما قلت مرات متعددة فالمقاربة يجب أن تكون “المعطيات قبل القرارات” و إذا ما استمرت الحالة الوبائية في شبه استقرار للأرقام و البيانات و تمكننا من تلقيح أكبر عدد ممكن من المغاربة، نكون قد وطدنا مكاسبنا من الناحية العملية، و يمكن أن نبدأ بتخفيف كثير من القيود، فيمكن فتح المساجد لجميع الصلوات و قراءة الورد القرآني اليومي و للدروس الدينية و محو الأمية لتلعب المساجد دورها المجتمعي الكامل.
فتح المقاهي و المطاعم لمدة زمنية أطول عسى أن تستعيد كثيرا من عافيتها المادية، و السماح بالتجمعات بأعداد معقولة، و رفع قيود التنقل بين الجهات الخضراء، كل هذا في انتظار التقييم الشهري القادم.
و في الأخير و خلال الأشهر المقبلة يجب علينا أن نعي شيئين هامين: دور المواطن كحلقة أساسية في مواجهة هذه الأزمة الصحية، و أن كل فرد – وأعني كل فرد منا – مهم في هذه العملية و بدونه لن ولا ننجح.
بالصراحة “واخا عيينا، زيروا معانا” في الإجراءات الاحترازية، وأن يقترن هذا بتواصل سلس لمدبري الشأن العمومي و اللجان العلمية كل في مجال اختصاصه.
نعم .. التواصل صعب جدا في زمن الجائحة، و لكنه أهم بكثير أولا من أخذ القرار و في بعض الأحيان من اللقاح و الأدوية، و بدون هذين المبدأين لا يمكننا مواجهة الأزمة الحالية و لا الأزمات القادمة لا قدر الله.
في الحقيقة… “والله حتى المغاربة كيفهمو…غير خصنا نتواصلو معاهم مزيان”.
أملي كل أملي، و في مقاربة و تعاقد مواطناتي و تشاركي بيننا ك “أشخاص و مؤسسات علمية و تدبيرية” أن نصل إلى بداية الصيف و نحن في حالة وبائية و عملية تمكننا بحوله و قوته من الخروج و لو الجزئي من الأزمة، فهدفنا الزمني إن شاء الله “العيد الكبير” من أجل الأضحى و ضحى مغرب جديد، و إذا أردنا أن نجازف في تلك المرحلة في قرار جماعي مسؤول، فلنفعل مع تحمل مسؤولياتنا الفردية و المؤسساتية.