لطالما التقطت أسماعي لقب ” صاكلا ” كثيرا داخل البيت. وشاءت الأقدار أن أسمع ذات الاسم يتردد بالساحة القصرية، خلال حضوري عدة أنشطة ثقافية فنية، وأخرى ذات طابع رياضي. لم أكن أعلم أنني سألتقي بالرجل وسأتعرف عليه واقعيا يوما ما، وكان السؤال الذي أهمس به لذاتي كل مناسبة : تراه نفسه ” صاكالا ” الذي تحدث عنه والدي غير ما مرة؟
ويظل السؤال عالقا من دون جواب، ويحتار عقلي حينما أسمع الناس ينادونه باسم ” محمد الزاوية ” وهو نفس الشخص، أرفع السؤال لوالدي:
– هل تعرف رجلا يدعى ” محمد الزاوية ؟
يجيبني :
ـ لا .. ربما اذا رأيته تعرفت عليه .
تمر الأيام، ويتم استدعائي لحضور نشاط مميز بدار الشباب بالمدينة، أضطر في متابعتي للنشاط للتنقل بين قاعتين، أغادر الأولى لألتحق بالثانية، فأصادف في طريقي الرجل جالسا على كرسي وبجانبه بعض الأشخاص، ألقيت عليه التحية والسلام بشكل عابر، ودخلت القاعة المقصودة.
أثناء خروجي منها، صادفت ” صاكالا ” يعانق والدي ويسلم عليه بحرارة، كنت أنظر من بعيد قبل أن يرمقني والدي، فينادي علي طالبا مني الاقتراب، ليعرفني ب ” صاكالا ” . اقتربت وأنا أبتسم، وقلت:
ـ أهذا هو ” صاكالا ” الذي حدثتنا عنه غير ما مرة؟
ضحك الوالد وأجاب
– نعم .. هو بعينه، زميل الدراسة وصديق الطفولة.
قاطع ” صاكالا ” حديثنا موجها السؤال لوالدي:
– هل هذه ابنتك؟ شاهدتها في عدة أنشطة، وسمعت لقب ” التمالح” كثيرا يتردد بحضورها، ولم أتخيل مطلقا أنها ابنتك .
ضحك والدي وقال:
بلى.. إنها أسماء ابنتي .
أخبرت الرجل أن أبي لم يتعرف عليه باسم “محمد الزاوية” ، ضحك وقال لي إن اسمه العائلي قد تغير مثلما غيّر الكثيرون أسماءهم، وذكر لي أن لقب ” التمالح” أيضا جديد عليه. ضحكنا جميعا، وصار الرجل يحكي لي عن الصداقة التي جمعته بوالدي وبمجموعة من أبناء القصر الكبير الذين جايلوهما، معبرا عن أسفه لرحيل ذاك الزمن الجميل الذي لم يكن الناس في ظله يرتكنون للمصالح والماديات الا في حالات استثنائية .