أنقرُ شاشة هاتفِي باحثة عن المدعو “شرف الدين ماجدولين”، تعرفت عليه في ندوة اليوم، كان يتحدث بلغة بسيطة و عميقة، وعدم مقدرتي على الفهم هو من حثني على معرفته أكثر وجمع معلومات كافية تؤهلني للنقاش معه بأريحية، ودون تشويش عقليّ ناحيته.
شرف الدين ماجدولين باحث وناقد مغربي، من مواليد مدينة شفشاون، بالمغرب، سنة 1969، إنها سنة مولد والدتي، صدفَة جمِيلة. جملة خطرت ببالي كحجرة سقطت من مجهول..
حقيقة لَم أجمع صباحا ما يكفي من معلومات تجعلني على مقدرة للكتابة عنه أو حتى التعبير عن رأيي الشخصي ناحيته، لم تجمعني معه محادثة معتبرة تجعلني متمكنة من فرض كلام عليه ووصفه انطلاقا من بضع كلمات قيلت، الندوة ساعدتني على التعرف عليه قليلا، والتعرف على أسلوبه الصارم في مثل هذه اللحظات، كان ذا أسلوب عقلاني، منطقي و عميق..
هيأته، نبرته، تعابير وجهه، تحركات يده، كل هذا، أضاف بصمة فريدة لتبيان جزء من شخصيته وأسلوبه، ربما أكون فضولية ، لكن طاقة وهالة هذَا الشخص جذبتني لمعرفته، أيقظ روح الاستطلاع داخلي..
سألته عن الفن التشكيلي ليشاركني رأيه بكلمات محدودة وإنما حاملة لمعنى كبير، لا أعلم لمَ؟ لكن السيد ماجدولين يذكرني ب “x” في الرياضيات، لا نعلم متى وماذا ستكون قيمة هذا المجهول إلى حين دراسته، واعتماد خطوات محددة لمعرفته، ومعرفَة الشروط المطلوبة لبيَانه، مثله تماما وإنما أقصد الآن أسلوبه بدل قيمته إن صح ظني. فأسلوبه معنا كان مرحا ظريفا، شخصا مراعي وعاطفي، عكس ما كان داخل تلك القاعة الباردة..
عدت أدراجي مع صداع رأسي الفضولي، ماذا أفعل؟ لم أتمكن من إفراغ ما في جعبتي ناحيته، هذا محبط، لكن لا بأس، لا زلت أمتلك يوم غد، وسأغتنم عامل الوقت لإعادة قراءة ورقته لعلي أجد بعض الثغرات لتكوين أسئلة جديدة وملائمة.
أصبحنَا وأصبحَ الملكُ لله،صبَاح يومٍ جدِيد، وأحدَاث جدِيدة، صبَاح يوم السبت الشيق، اليَوم الثاني من البَرد، والملَل وقلَة النوم.. نغَادر الثلَاجَة، أقصدُ القاعَة البَاردة، ممسكَة بيدِ أمِيرة أسحبهَا ناحيَة معلمِي مجتمعِين علَى السيّد ماجدُولين مرّة أخرَى، تقدّم زمِيلي رضَى لطرحِ تساؤلهِ لكن وللأسَف جئتِ متأخرَة لسماعه، بالرغمِ من الأمر، فقد فهمتُ ما يدُور حولهُ موضُوع سؤال اليوم عَن طرِيق حدِيث السيد ماجدُولين..
يشرحُ مسرعاً مَا حدث خلَال الندوَة، موضحاً الغرَض من هذَا اللقاء الممل، اسفَة لقول هذَا، لكن بصفتِي طفلَة لا أفقهُ كثيراً في الأمُور الثقَافية والفنيّة، لَم أستطِع الانسجَام مع معظمِ الأفكَار التي طُرحَت، ولَا أظن أنني الوحِيدة، كمَا أن عقلِي يأبَى الانصَات وتشرِيح مَا قيل بطرِيقة سهلَة لأفهمهَا، وكمَا أقول دائماً، عقلِي لا يصلحُ لمثلِ هذَا، فقَد يصلحُ للفضُول والسؤَال..
أرفعُ يدِي بغيَة إطالة هذَا النقاش والحدّ من حب الاستطلاع الذِي ينهشُ ذاتِي، لكن مغَادرة السيّد ماجدُولين كسَرت سَقف آمَالي.. وحطمَت دوَاخلي، من سأسالُ الآن، يَا شمعَة التسَاؤل داخلِي إنطفئِي.. فإن القَلب الذِي ستضِيئينه كسِر، وهَا أنَا أرَى فتاتهُ أرضاً..
يَاللأسف، انتهَى لقَائي معَ هذَا السيّد القدِير وأنَا بصفر معلُومة تنعشُ فكرِي.. ربّما معلُومة واحدَة، وهِي أنه شخصٌ صعبٌ فهمهُ، أو حتى فهم طبعهِ، مزيجٌ بين الصرَامَة واللطف، الظرَافة والهدُوء، حيناً أرَاه مجرداً من المشَاعر وأحياناً أرَاه عاطفِي…
ماجدُولين شرف الدّين، السيّد الذِي حيرنِي، وشكّك في نظرتِي وفهمِي البسِيط، لَا أستطِيع وضع حكمٍ منَاسب لهُ، أعلمُ أن لَا حق لِي بوضعِ معايِير لمعرفةِ شخصيتهِ، لكنّني وللأسف، حبّ الاكتشَاف أكبَر من أي عذرٍ يمكن أن يختلَق.
* تلميذة بالجذع المشترك.