مسح بنظرة رخوة، اللوحات الحافة بباب العمارة الشائخة في عز شبابها: طبيب اختصاصي في أمراض العيون، مهندس معماري، محام مقبول لدى محكمة الاستئناف، موثق، كراء السيارات، شركة التصدير والاستيراد…
سد أنفه بإبهام وسبابة يمناه، على صورة كماشة، وكأنه سيدخل أوسخ حظيرة خنازير، بينما الكف اليسرى تمسك هاتفه المحمول يضيء له الدرج، مثلما لو كان ينزل إلى عمق منجم فحم حجري.
أوقف المصعد. قطعت كهرباء الدرج والممرات. سرّح الحارس. تراكمت الأزبال في الأنبوب الخاص بها، حتى ارتفع منسوبها إلى الطابق الثالث، فصارت جنة للدود المزروع داخلها، وملاعب للذباب المتراكم فوقها.
وبمثل لهاث كلب أعياه الجري، وقف يرتاح قليلا، في الطابق الخامس. أطلق سراح أنفه، ثم دخل شقته، والمرارة تغرز أظافرها في صدره. اليوم أيضا لم يتوج تعبه بالعثور على مسكن آخر.