1-البوح البديع لجليلة الخليع
التقيت بالدكتورة جليلة الخليع في معرض الكتاب في الدار البيضاء سنة 2014، عندما كانت توقع كتابها « حروف في قبضة الذاكرة»، وهو عبارة عن مقالات على شكل بوح يشبه المونولوغ، ولكنه كتب بلغة شاعرية تشي بأن الكاتبة ستنتج مستقبلا كل بديع .
وفي سنة 2016 صدر لها ديوان شعر بعنوان « طنجة، ومضات من جنون»، وأرسلت لي مشكورة نسخة منه، فوجدت فيه ذكريات وحنينا من الشاعرة لأزقة ودروب طنجة العتيقة؛ ولعل إطلاقها لوصف الجنون تقصد به بعض التصرفات الطفولية البريئة التي يتمرد بها الصغار على جدية الكبار. وكان من حظ هذا الديوان أن قامت الأستاذة لطيفة العمارتي بترجمته إلى اللغة الإسپانية سنة 2021 تحت عنوان:
Tanger. Destellos de locura.
وأبت أريحية الشاعرة الخليع إلا أن تؤثرني بنسختي من هذه الترجمة .
ويبدو أن سنة 2021 كانت خصبة وغنية بإنتاجات الشاعرة جليلة؛ فبالإضافة إلى ترجمة ديوانها، صدر لها ديوان موسوم ب«ظِلٌّ مُنحنٍ على مقعد الشمس»، ومجموعة نثرية سمتها«رسائل ليست له»، وهي عبارة عن بنات أفكار جعلتها الكاتبة ترى النور لكي تتحرر من عبء حملها، وتترك للقارئ مهمة تأويلها ووضعها في المرتبة التي يرضاها.
توصلت قبل أشهر بالإصدارين معا ، وأختم هذا التقديم بالتوجه بالشكر للدكتورة الخليع جليلة ، وإن كانت كلمة «شكرا» في حقها قليلة.
2- رياض البهجة في أخبار طنجة
تعرفت على الدكتورة نبوية العشاب العشاب في رحاب جمعية طنجة بين الأمس واليوم، واسمها ذكرني في والدها المرحوم سيدي عبد الصمد العشاب، والذي بدوره ذكّرني بخاله سيدي عبد الله ݣنون رحمه الله.
لن أنس سيدي عبد الله ݣنون وما تركه في نفسي من أثر. فقد كنت عند بداية الثمانينيات بصدد تسجيل بحثي لنيل دپلوم الدراسات العليا بتحقيق كتاب « الاقتضاب في شرح أدب الكتاب» لابن السيد البطليوسي الأندلسي، فقصدت سيدي عبد الله في معتكفه بحي القصبة، واستقبلني رحمه الله باهتمام، وأنصت لي وزودني بنصائحه الثمينة، ولم يُكتَب لي أن أراه مرة أخرى إلى أن بلغني نعيه سنة 1989، وكنت في رحلة دراسية إلى مدريد، وكنت أول ناعٍ للمرحوم في إسپانيا، وخاصة لصديقه الدكتور محمود علي مكي مدير المعهد المصري للدراسات الإسلامية في مدريد، رحمه الله.
الحديث ذو شجون عن السلف ، والعوض بحول الله بخير خلف. وها هي الدكتورة نبوية العشاب تقتفي أثر والدها وخالها في التأليف والتحقيق، وكنت محظوظا إذ أهدتني نسخة من كتابها الجديد: « رياض البهجة في أخبار طنجة» للعلامة الفقيه محمد بن العياشي سكيرج.والذي بذلت فيه الدكتورة مجهودا مشكورا في سبيل إخراج هذا المؤلف، وذلك باعتمادها على النسخ المخطوطة منه ومقارنتها حتى يزول كل لبس أو غموض، وكتاب رياض البهجة يهتم بالتعريف بصلحاء طنجة وشيوخها وزواياها ومساجدها وأضرحتها ودروبها وطرق الحياة فيها، على عصر المؤلف الذي عاش بين 1875 و 1965.
أشكر الأستاذتين الدكتورتين جليلة الخليع و نبوية العشاب على ما قدمتا لي من كتاب، وأرجو ألا أتعرض جراء التأخر في الشكر للعتاب.