في مدينة أصيلا، يوجد العديد من أضرحة أولياء الله الصالحين كما هو الحال في سائر المدن المغربية العتيقة. ولهذه الأضرحة مظهر خارجي خاص تتميز به، محوره قاعة ذات قبة تحتضن قبر الولي ومعمار تقليدي لا يختلف كثيرا عن أسلوب المساجد، مما كان يضفي على الفضاء نوعا من القداسة ومن الاحترام.
ومعلوم أن أغلب نزلاء هذه الأضرحة، كانوا من االشخصيات التي اشتهرت قبل مماتها بالعلم أو بالجهاد أو بالكرامات، مما كان يجعل الناس تتطوع لبناء الأضرحة الخاصة بها تخليدا لذكراها وتكريما لها. ولكل ضريح من أضرحة مدينة أصيلا ونواحيها حكاية مختلفة عن الأخرى.
لنبدأ بسيدي ألأصيلي الذي يوجد ضريحه خارج مدينة أصيلا العتيقة بجانب السور البرتغالي المحيط بالمدينة والذي يحد بمقبرة أصيلا القديمة من جهة الشمال. فلما احتل الإسبان المدينة وبدؤا في شق الطرق لوضع تصميم جديد للمدينة الحديثة خارج الأسوار، اضطروا لشق الطريق وسط هذه المقبرة العتيقة وجعلوا منها مقبرتين يفصل بينهما الشارع العمومي، وجعلوا لكل واحدة منهما بابا كبيرا وسياجا من جدار وقضبان حديدية.
سميت المقبرة الأولى ب ( سِيدِي الْغَزْوَانِي ) والثانية ب ( سِيدِي بُوخُبْزَة ). وأثناء عمليات الحفر، كان العمال يخرجون رفات الموتى ويضعونه في قبر كبير بالمقبرة الجديدة التي عرفت في تلك المرحلة ب ( مقبرة سِيدِي وَالُو)، وبقي قبر سيدي الأصيلي معزولا في مكانه ومحاطا بسياج صغير.
ولما جاء المراقب الإسباني لتفقد ورش الحفر والبناء، انتبه للقبر المنزوي، وسأل رئيس الورش عن سبب عدم إزالته. فأجابه الرجل : “إنه (السَّانْطُو)”، ويعني المقدس باللغة الإسبانية. فأمره المسؤول الإسباني بإزالته ليبقى الرصيف خاليا من أثر القبور. ولما كان المراقب نائما، رأى في منامه صاحب القبر يرفع شاقورا لينزل به على رأ سه، فاستيقض من نومه مذعورا، لكنه لم يبال بما رآه وأخلد للنوم ثانية .. لكنه وجد نفس الحلم يتكرر.
وفي الصباح، أعطى أمره بعدم نبش القبر وأمر ببنائه ضريحه. وإلى يومنا هذا، لايزال الضريح قائما غير بعيد عن البابين الكبيرين للمقبرتين العتيقتين في شكل معالم تاريخية وسياحية مميزة للمدينة، تحمل طابعا معماريا إسبانيا عربيا متميزا وجميلا.
المرجع كتاب مأئةحكاية وحكايةمن أصيلة