اختل ميزان أداء الحكومة المغربية، وتأخرت جل مشاريعها التنموية، وبراميجها السياسية عن موعد إنجازها، واسترخت عقارب ساعتها الإدارية في دورانها، واقتربت ساعة الحقيقة، وزمن المحاسبة في البرصة الانتخابية، فحاولت الحكومة الهروب من مسؤوليتها إلى الأمام، ونطق ناطق من أهلها: “بدلوا ساعة بأخرى”، فنظر السادة الوزراء إلى ساعاتهم اليدوية نظرة المغشي عليه، فوجدوها معطلة، فأحسوا بوصول آجالهم، وقرب نفاد حلويات الحكومة والبرلمان، فطلبوا من حكيم الحكومة أن يخرج عن صمته، فتململ وتبرم، واستشار وتكلم، فقال: أضيفوا ساعة ضوئية إلى عمركم الحكومي، وساعة شمسية إلى الزمن الإداري، وأقروا التوقيت الصيفي على امتداد وجودنا السياسي، وبذلك ستكون حكومتنا قد حققت إنجازا غير مسبوق، عجزت عن تحقيقه باقي الحكومات، صفق عشاق الحلوى، والذوق الرفيع، وصوتوا بلإجماع على زيادة ساعة على التوقيت المغربي المعتاد، وأقروا التوقيت الصيفي طول الأعام، وهذا في حد ذاته إنجاز حكومي فريد، حيث جعل الفصول الأربعة فصلا واحدا، هو فصل الصيف.
رن جرس منبه ساعة السيد الرئيس المنزلية، فانتفض من فراشه انتفاضة الهزبر من عرينه، لقد استفاق من حلم جميل، أومن كابوس مخيف، فوجد الشعب المغربي في غليان كبير، يردد شعارات مناوئة، ويحتج بكل الوسائل السلمية ضد هذا القرار الغريب، الذي يخدم مصلحة الأغنياء والاقتصاد على حساب باقي فئات المجتمع ومصالحه….
ذهل الرئيس من هول ما رأى، فاستنفر شركاءه في الحكومة، واستفسر مستشاريه وأعوانه عن سبب هذا الغضب الشعبي، فأخبروه: إنها الردود الفعلية ضد قراركم سيدي الرئيس الذي يقضي يتثبيت التوقيت الصيفي، أي زيادة ساعة على توقيت المغرب المعتاد قبل ولاية حزب العدالة والتنمية، فعلق مزمجرا: لماذا وكيف؟، “الزيادة من راس الحماق” وأنا رجل عاقل، وعمل العقلاء مصون عن العبث، أوقفوا الساعة، أوقفوا الساعة، أوقفوا الساعة. ورغم ذلك فقد ضاعف الزمان من سيرورته، وضاعف قطار الحكومة من سرعته، وخوفا من أن يدوس القطار مصالح المواطنين، و يصدم حقوقهم، ويهدد سلامتهم وحياتهم، رفض المغاربة زيادة ساعة على التوقيت المغربي العادي المعتاد.
لنعد إلى الحقيقة والواقع، ونتساءل جميعا:
هل فكرت الحكومة في المضاعفات السلبية، الاجتماعية، والأمنية، والتربوية قبل أن تقر هذه الزيادة في التوقيت المشؤومة؟
هل وضعت الحكومة مصلحة معظم شرائح المجتمع المغربي في عين الاعتبار عند إقرارها هذه الزيادة المماثلة لزيادتها في أسعار المواد الغذائية، والمحروقات، وفي سن التقاعد، وفي فاتورة الماء والكهرباء؟
هل اتخذت الحكومة إجراءات ملزمة للوزراء، والموظفين الساميين، ورؤساء الأقسام للالتحاق بمقرات عملهم في الساعة الثامنة صباحا، والثانية زوالا كباقي المواطنين؟
هل فكرت حكومة الساعة الناطقة في الزمان الضائع في وضعية تلاميذ العالم القروي، المضطرين لقطع المسافات الطويلة للالتحاق بالمؤسسات التعليمية في رحلتي الشتاء والصيف، عبر طرق وفجج ومسالك موحشة ومظلمة؟.
هل أخذت الحكومة بعين الاعتبار موقع المغرب الجغرافي قياسا بخطوط الطول، التي بموجبها نحدد اختيار التوقيت المناسب؟، فالمغرب أولى له أن يختار التوقيت الدولي (خط اكرينش) بلا زيادة أو نقصان، أو ناقص ساعة عن الخط المذكور.
نطقت ساعة الحكومة في زمنها الضائع، ورن جرس إنذار ساعة الحسم، ودقت ساعة الحقيقة، واقتنع السواد الأعظم من الشعب المغربي بأن إقرار زيادة ساعة على التوقيت المغربي المعتاد قرار سلبي، وخطأ فادح، يجب مراجعته، وإلغاؤه، وتعديله بإقرار توقيت خط اكرينش بلا زيادة، ولا نقصان.