أثارني موضوع التنمر على الفنانة ميرفت أمين الذي راج مؤخرا على وسائل التواصل الإجتماعي، والذي كان سببه ظهورها بدون ماكياج في مأتم وعزاء، مما جعل البعض يسخرون من التجاعيد التي رسمت على وجهها ومعالم تقدم السن التي تركت آثارها على ملامحها، وكأنها ليست إنسانة مثلهم من لحم ودم.
لاأدري إلى أي درجة بلغ اهتمام الناس بما هو سطحي ومظهري خادع وعدم تقبلهم للحقيقة التي غالبا ينتفي فيها الغش والتدليس. لا أدري كيف يفكر البعض وكيف يقدرون المرء لجماله وليس لعطائه، وكيف يحترمونه لشكله لا لعقله ومحطاته التي حتما ما صنعت منه شخصا معروفا له مكانة إلا وأخذت منه الكثير، إن على مستوى الصحة أو الجمال أو العمر …
الجميع إلى كبر، ولا يوجد إنسان يسير به الطريق إلى الصعر، وكما يقول المثل: ” الله يكبرنا على طاعة الله ورسوله” ، ولا شك أن المرء الكبير اليوم مر بمرحلة الصغر فكبر، والذي هو صغير حاليا مآله إلى الكبر، هذه سنة الحياة، فكيف نستخف بمن كبر ونحن نمضي في نفس الطريق وينتظرنا نفس المصير بعد عمر طويل إن شاء الله.
متى نتعلم تقدير الآخرين بناء على تصالحهم مع ذواتهم وإقبالهم على الحياة بوجهها المكشوف والحقيقي دون أصباغ ومساحيق تخفي عيوبها وجروحها وندباتها؟
متى نتعلم احترام الغير لشخصه وروحه وليس لشكله ومظهره الذي في الغالب الأعم يكون مصطنعا ويحمل الكثير من التكلف ؟
لماذا نعشق دائما من يضحك على عقولنا، ونفر ممن يكون واقعيا وصادقا معنا في أقواله وأفعاله وتحركاته ونمط حياته؟
أو ليس الأجدر أن نراقب الله ونستحضر وجوده ورضاه عنا بدل مراقبة الناس ورضاهم عنا ؟
لا أظن السيدة ميرفت أمين أخطأت بظهورها بدون ماكياج في عزاء أو غيره، فهي حرة في نفسها أولا، وأدرى بحالها ثانيا إن كانت ترتاح داخليا بوضع المساحيق على وجهها أم لا، الأهم هو أن يكون جمهور المعلقين في مستوى التعبير اللائق وعدم تقزيم الإنسان في صورة خارجية تكون أحيانا جميلة وأحيانا أخرى متأثرة بظروف وأزمات وحالات لا يعلم عنها شيئا، لكنها أفقدت الوجه الشاب الجميل رونقه، والجسد الممشوق رشاقته، والبشرة النضرة حيويتها وضياءها، عاد جدا أن يحصل هذا، فكلنا إنسان، والإنسان خلق ضعيفا، أتفه شيء في الحياة يؤثر فيه ويرديه عليلا بعد صحة و قوة.
لا للتنمر .. لا للعناية بالشكليات على حساب الجوهر والباطن، فتقبل الإنسان بمجمل حالاته يعني الكثير بالنسبة له، وكما قدم الإحترام والابتسامة والمتعة للناس عليهم أن يقابلوه بما يمنحه طاقة وحبا وسعادة لا سخرية واستهزاء..