يكفي أن تكون على مقربة من بعض التجمعات النسوية، في محل تجاري أو عند بوابات المدارس مثلا، لتكتشف أن بعضا من ذلك البعض، ولست أبدا أعمم، ينظرن إلى فعل الزواج كقيمة عالية في سلم الحياة، وأن العازبة أو المطلقة أو الأرملة، مقارنة بالمتزوجة، هن نسوة من الدرجة الثانية، بينما يختلف الأمر تماما عند مجتمع الرجال الذي يتساوى فيه الجميع، إلى الحد الذي يحسد فيه المتزوج أحيانا مَنْ سِوَاهُ مِنْ غير المرتبطين…
مناسبة الكلام سؤال نشاز سمعته قرب لمّةٍ لبنات الجنس الواحد: “عندك شي وليدات؟ ” وإني والله رأيت الانكسار في عيني المسكينة التي وجدت حرجا في الرد على مَنْ تَسألُ عن ولدِ التي لم تعرف الزواج أصلا. لأني أعرف تلك السيدة جيدا…
بدا الأمر أشبه بالإهانة المبطنة، وكأنها بعد أن أحْصَتْ ما طاش من خصلات شيب على محيط منديل المسكينة أرادت أن تكشف اللاتوافق بين العمر والحالة العائلية، ويزيد الأمر سوءا حين يسترسلن في وصف ترهل البطن وذوبان الأنوثة وسواد هالة العين وغيرها من أعباء الأمومة بأسلوب ماكر يستكثر على العازبة جمالها الذي تستهلكه ظلال الوحدة دون أن يُغْنِيَ عنها شيئا…
تذكرتُ حين كنت مرة من بين المشرفين على مسابقة تحدي القراءة العربي، لا أنسى كيف كانت تلمع عيون الصبايا وهن يستعرضن ما قرأنه من قصص، عندما تأتي الخاتمة التي تتزوج فيها البطلة الأميرَ وتعيش في سعادة، وكأن خير الخواتيم ما تعلق بخاتَم زواج…. لا أظن أن من الرجال من يسأل جليسه في المقهى، أو رفيقه على مقعد الحافلة، أو حتى زميله في العمل إن كان متزوجا أو أبا أو أعزبا، فكم من متزوج(ة) لا يحمل من الزواج إلا أسفارَ الصفة و مشقة المسؤولية دون وجود لمقومات المودة والرحمة والسعادة والحب، وكم من فرد حر اكتفى بهناء نفسه على قيدٍ يُدمي معصمَهُ وقلبه…
هي في النهاية أقدار وحريات شخصية أيضا، لا تَنْشُدُ إلا ألسنا لبقةً تراعي حساسية بعض القلوب، وتتجرد من كل تصنيف مبني على مدونة الأحوال الشخصية، وتسمو بالصفة الإنسانية عند كل تعامل مع الآخر، أيا كان وضعه ومنصبه وحاله وماله وحتى مآله…