استضاف الإذاعي محمد سمير الريسوني صباح الخميس 14 فبراير 2019 على أمواج الإذاعة الوطنية بالرباط، وعبر فقرة ” ضيف صباح بلادي” الصباحية الدكتور أبو الخير الناصري ( كاتب وناقد مغربي)، حيث تركز الحوار حول جوانب من التجربة الإبداعية المتميزة للضيف.
فالناقد أبو الخير الناصري يعتبر النقد عملا بناء وإسهاما في تجويد كل عمل إنساني في مختلف المجالات الأدبية والفكرية وغيرها، ويرى في حضور المناسبات العلمية فرصة للجميع لإغناء معارفه، ولمزيد من الترسيخ لثقافة الإقبال على المنتديات العلمية والاستزادة من العلم، لأن الإنسان – حسب تعبيره – ينبغي أن يعيش حياته كلها طالبا للعلم مستزيدا منه .
فيما يخص مشاركته في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، أعرب أبو الخير الناصري عن تقديره وتقدير الكثيرين لهذا المعجم الذي يعد أهم معجم للغة العربية، شارك فيه مجموعة من العلماء والباحثين من مختلف الدول العربية والإسلامية: كالمغرب، وتونس، والجزائر، والأردن، وفلسطين، وغيرها.. وقد كانت المساهمة المغربية حاضرة بقوة، سواء على المستوى المركزي في قطر أو في المغرب، من خلال فرق المعالجة المعجمية التي كان فيها مجموعة من الباحثين الذين أسهموا في إعداده، وهو الأمر الذي يعد فخرا للمغرب الذي يعتز دوما بمجموعة من العلماء والباحثين، سواء من كان منهم في اللجنة التنفيذية للمعجم بقطر أو بالمغرب، أو الذين أسهموا بمشاركاتهم في إنجازه.
تحدث الناصري عن عشقه للغة العربية، والتي يعتبرها عنصرا ومكونا أساسيا للهوية، هوية الإنسان العربي والإنسان المسلم، مشيرا إلى أن محبته لهذه اللغة هي ما دفعه للإسهام في خدمتها سواء من خلال تدريس مادة اللغة العربية داخل الفصول الدراسية، أو من خلال التأليف في هذه اللغة في إشارة منه لكتابه ” تصويبات لغوية في الفصحى والعامية”، أو من خلال المشاركة مع آخرين في إعداد معجم الدوحة التاريخي للغة العربية .
ورجوعا إلى كتاب ” تصويبات لغوية في الفصحى والعامية” الذي صدر للكاتب أبو الخير الناصري سنة 2008، صرح الناصري بخصوصه بما يلي : ” الكتاب هو إسهام في تقويم اللسان، وهو كتاب يشتمل على مجموعة من المقالات التي صوبت فيها مجموعة من الأخطاء الشائعة، سواء في كتابات الذين يكتبون باللغة العربية الفصحى، أم على مستوى ثقافة الشفهي في الحياة اليومية، وحاولت من خلال هذا العمل أن أسهم في تقويم اللسان، ومعلوم أن تقويم اللسان هو تقويم للأفكار أيضا، وتقويم للسلوك الذي هو انعكاس لأفكارنا”.
يركز الدكتور أبو الخير الناصري اهتمامه أثناء الكتابة على ثقافة الاعتراف، وهو يقول بهذا الخصوص: ” ما أحوجنا إلى ثقافة الاعتراف لذوي الفضل بأفضالهم، ومما أحمد الله تعالى أن وفقني إليه أني ساهمت في مجموعة من الكتابات، وكتبت مجموعة من الأعمال التي اعترفت فيها بأناس ذوي أفضال علي”.
استحضر أبو الخير الناصري في هذا المضمار كتابه عن والده الراحل ” في صحبة سيدي محمد الناصري رحمه الله “، وهو أول كتاب صدر له وفيه ثقافة اعتراف بفضل والده عليه، ثم بعد ذلك كانت له مشاركة في كتاب جماعي عنوانه : ” أحمد عبد السلام البقالي: الإبداع وإشراقاته ” مع مجموعة من الباحثين. وقد شكل هذا الكتاب اعترافا بفضل واحد من الأدباء المغاربة على المشهد الثقافي المغربي.
كما كان له كتاب ” في صحبة أستاذي محمد الحافظ الروسي”، وهو كتاب يعده الناصري اعترافا بفضل أستاذه محمد الحافظ الروسي عليه، سواء في مرحلة التدريس بالماستر أو في مرحلة الإشراف على بحثه لنيل الدكتوراه. إلى جانب ذلك، أشار أبو الخير الناصري إلى كتاب جماعي حول المرحوم “عبد الله المرابط الترغي”، وهو كتاب شارك فيه مع آخرين بمقالة اعترف فيها بفضل هذا الأستاذ عليه.
خلال هذا الحوار الأثيري المباشر، أعلن الدكتور أبو الخير الناصري عن كتاب جديد سيصدر له قريبا بإذن الله، عنوانه:” غيمات الندى: سعاد الناصر ملامح من شخصيتها ونظرات في أعمالها”، وهو كتاب يتضمن اعترافا إنسانيا وعلميا بفضل واحدة من أستاذاته عليه، هي الدكتورة سعاد الناصر حفظها الله، والتي كان لها فضل علبه في تدريسه سواء في مرحلة الإجازة أو في مرحلة الماستر كما جاء في كلامه.
في الختام، أوضح أبو الخير الناصري أنه مهتم بهذا النوع من الكتابة من منطلق أنه حينما ينظر إلى مجتمعنا وإلى ما يشهده من أحداث العنف المسلط على مجموعة من الأساتذة أو العلماء والشيوخ، يرى أنه ينبغي مزاحمة هذه الثقافة ( ثقافة العنف) بثقافة أخرى بديلة هي ثقافة الاعتراف بالأساتذة والشيوخ وأفضالهم، إذ ينبغي نشر مثل هذه الثقافة وفاء للأساتذة واعترافا بأقدارهم، ولعل بمثل هذا العمل يمكننا أن نزاحم ثقافة العنف داخل المجتمع.