تقديم :
الرباط .. هي العاصمة الإدارية للمملكة المغربية بشكل رسمي، تقع على ساحل المحيط الأطلسي، وعلى الضفة اليسرى لمصب نهر أبي رقراق الذي يفصلها عن مدينة سلا. هي مدينة مشهورة بصناعة النسيج وبأول جامعة حديثة أسست بالمغرب بعد الإستقلال والتي هي جامعة محمد الخامس.
أدرجت المدينة القديمة بالرباط كموقع تراث عالمي سنة 2012، وصنفت في المركز الثاني من قبل شبكة سي إن إن في قائمتها لأفضل وجهات السفر لعام 2013م، كما أن الرباط باعتبارها عاصمة المغرب تعد من العواصم التاريخية في البلاد.
في هذه الورقة الرمضانية سنخصص الحديث عن أشهر معلمة تاريخية بالرباط، وهي مسجد حسان بصومعته الشامخة، وسنتعرف سويا على بعض الخبايا والمعلومات المفيدة.
مسجد حسان وصومعته الفريدة
شهدت مدينة الرباط إشعاعا حضاريا وثقافيا كبيرا في عهد الموحدين، إذ حولت في عهد عبد المومن الموحدي إلى قصبة محصنة لحماية جيوشه التي كانت تنطلق في حملات جهادية صوب الأندلس، وفي عهد حفيده يعقوب المنصور، جعل من الرباط عاصمة لدولته، فأمر بتحصينها بأسوار متينة، وشيد بها عدة بنايات، أشهرها مسجد حسان بصومعته المتفردة.
اعتبر مسجد حسان في عهد السلطان يعقوب المنصور أكبر المساجد في عهده، فقد أنشئ بناء صومعة حسان في عهد الموحدين على يد هذا السلطان الموحدي، وذلك عام 1195 ميلادية الموافق ل 593 هجرية، غير أن هذا المشروع توقف بعد وفاته سنة 1199م، إلى جانب أنه تعرض للاندثار جراء الزلزال الذي هزه سنة 1755م، فيما بقيت آثار المسجد شاهدة على ضخامة البناية الأصلية، والتي بلغ طولها 180 مترا وعرضها 140 مترا، كما ظلت الصومعة التي تعد إحدى الأخوات الثلاث لصومعة الكتبية بمراكش، والخيرالدا بإشبيلية شاهدة هي الأخرى على وجود المسجد وضخامته.
تقف صومعة حسان شامخة بعلو يصل 44 مترا، وهي مربعة الشكل، لها مطلع داخلي ملتو، يؤدي إلى أعلى الصومعة مارا بست غرف تشكل طبقات، وقد زينت واجهات الصومعة الأربع بنقوش وزخارف مختلفة على الحجر المنحوت الذي يطغى عليه النمط الأندلسي المغربي.
يتميز بناء صومعة حسان بالمتانة، وقد اختير موقعها في أمتن البقاع وأقدرها تحملا لثقل هذا البناء المميز، وتتكون موارد بناء الصومعة من الحجر الرملي والحجر المنحوت والجص والرخام إضافة إلى الخشب.
أما عن مكونات المسجد، فهو يتكون من بيت الصلاة : صمم على شكل حرف T وهو يحتوي على ثمانية عشر أساكيب موزعة، وأعمدة يبلغ ارتفاعها أربعين سنتمترا.
محراب المسجد: يبلغ عرضه ثلاثة أمتار وطوله ثلاثة أمتار أيضا، ويلاحظ أن المحراب الذي يقع في أقصى البلاطة المركزية لا يتجه نحو الجنوب الشرقي، إذ أن جدار القبلة ينحرف بشدة نحو الشرق، وهو مربع الشكل عكس جل المساجد المغربية. أبواب المسجد: كان ارتفاعها يتجاوز ارتفاع الجدار نفسه، كما كان عرضها يداني عشرة أمتار ونصفا، أما تيجان الأعمدة فتتعدد زخرفتها، حيث يشبه بعضها تيجان باب الرواح، وبعضها الآخر أعمدة مسجد قرطبة.
صحن المسجد: تملؤه الآبار والتي غطته لعدة عقود، وهي تقع وسط الصحن الكبير إذ يصل طولها 69 مترا، وعرضها 28 مترا ونصفا، في حين يتجاوز عمقها سبعة أمتار. تحادي هذا الصحن الكبير الذي يمتد على مسافة 139 × 139مترا أروقة تمتد على جانب سور الجامع من الشرق إلى الغرب، كما يمتد رواق مزدوج جهة الجنوب، وبالنسبة للفن الزخرفي لجامع حسان، فإنه مستمد جملة وتفصيلا من مساجد الأندلس والقيروان والشرق الإسلامي.
هذه – باقتضاب – بعض ملامح جامع حسان بالرباط وصومعته الشامخة التي يحلو لعموم زائري العاصمة المغربية الرباط التقاط صور معها توثيقا للعبور، وترسيخا لذكرى الوقوف الميداني على معالمها الأثرية العريقة.