ترعبنا هزة أرضية عابرة، يهرع بعضنا إلى الخارج هاربا لا يدري مم الهروب وإلى أين، يمسك بعضنا الآخر بأعز ما لديه في الدنيا ويحاول أن يحمله معه إلى حيث يفر، صور قد تبدو في حينها مثيرة للدهشة والذهول، مضحكة طريفة بعد مرورها بسلام ودون ترك خسائر في الأرواح والممتلكات.
المشهد لا يقف هنا، بل يمتد لما هو أبعد حين يفكر المرء مليا فيما نحن مقبلين عليه عاجلا أو آجلا، حين نلقى الله تعالى، حين تقبض أرواحنا وندخل قبورنا فرادى، حين ترد إلينا الروح ونحاول النهوض فنضرب رؤوسنا باللحود ونجد أنفسنا أمام ملكين إسمهما المنكر والنكير، لم يسبق لنا رؤيتهما، قرأنا وسمعنا عنهما في الدنيا وجاء وقت لقائهما، في هذه اللحظة بالذات تكون قوة الرهبة والخوف، لن يكون معنا عزيز يؤنس وحدتنا غير العمل الصالح، لن نتباه بمال وجاه وحسب ونسب لأن الكل بقي في الدنيا ولم يتبق لنا سوى قطعة قماش أبيض يدعى الكفن لفت فيه أجسادنا، لن يغيثنا أحد وقتها ونحن المذنبون العاصون، لن تقبل توبتنا حينها وقد أقفلت كل الأبواب في وجوهنا بانتقالنا إلى حياة العالم الآخر، لن نفلت من العقاب والحساب وقد بشرنا القرآن سابقا بالنعيم وأنذرنا بالجحيم …
علميا، هزة أرضية تعني حالة طبيعية من حالات تعرفها الأرض، وروحيا قد تحيل إلى إيقاظ النفوس وماهي عليه من غفلة ونسيان أو ربما جهل وتجاهل للقادم الذي لا سبيل من الفرار منه.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الخاتمة، ولا يرينا مكروها أو أذى في أنفسنا أو في كل عزيز أو حبيب.“ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين”.
نستغفرك ونتوب إليك، إنك غفور رحيم، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نطمع في عفوك ورحمتك ومغفرتك ورضاك يا رب، فلا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا إنك رحمان رحيم.