كل الرحلات التي كنت أقوم بها صحبة قريبتي عبر ّ الطراموايّ ربطا بين الرباط وسلا كانت تمر في أجواء عادية وممتعة إلا هاته الرحلة، كانت متميزة عن سابقاتها و تحمل وقائع طريفة، فقد تعودنا اللجوء إلى شباك التذاكر لاقتناء تذاكرنا كما هو مألوف غير أننا لم نجد أحدا داخل الشباك هذه المرة، إنه مقفل، قلت لقريبتي:
– لكن أين السيد أو السيدة التي كنا نقصدها في غير هذه المحطة فنسلمها النقود وتعطينا التذاكر؟
أجابت : كما ترين، لاأحد موجود والشباك مقفل .
قلت: وكيف يتسنى لنا إذن الحصول على التذاكر؟
قالت: انتظري، لابد هناك حل .
بدأنا نطوف بالشباك كما لو نطوف بالكعبة المشرفة نبحث عن إشارة أو علامة توجهنا الى ما يمكن فعله للحصول على التذاكر، كانت الشمس محرقة وبعض التعب قد نال منا بعد مشوار قضيناه، عثرنا على فتحة شبيهة بتلك التي نرمي فيها بالنقود أثناء إجراء اتصال هاتفي بمخدع هاتف عمومي، حاولنا إدخال النقود عبرها إلا أننا لم نفلح، مغلقة هي الأخرى .
قلت لقريبتي: ما العمل ؟؟ هل سنظل هكذا ؟؟
كان المكان شبه خال من الناس، وحدهم المارون من بعيد راجلين وآخرين ممتطين سياراتهم الخاصة، مما يعني أن الفرصة عير متاحة لأن يمد لنا أحد يد المساعدة، بدأنا نتفحص وجهي بعضينا في ذهول، ثواني قليلة وضوء يشع قادما باتجاهنا، قلت لقريبتي:
– يا إلهي ّ الطراموايّ قادم ونحن لم نحصل بعد على التذاكر .
وقف ّ الطراموايّ في المحطة بمحاذاة منا، انتظرنا نزول أحد الركاب في ذات المحطة نستنجد به في ورطتنا الظريفة، ولعل الموجودين بالداخل كانوا ينتظرون ركوبنا وانضمامنا إليهم، لم ينزل أحد ولم نركب نحن، وقبل أن يغادر ّ الطرامواي” المحطة ملأنا الفضاء ضحكا على أنفسنا وعلى الموقف الحرج الذي وقعنا فيه .
قلت : لا أفهم لماذا يغيب المسؤولون عن هذا الشباك، هل كان ضروريا أن يحصل معنا ما حصل ؟ !!
ردت قريبتي: لا تهتمي فالقطارات موجودة بكثافة ويتناوبون بشكل مستمر ، فقط علينا التحلي بالصبر .
قلت:طالما نحن عاجزتين عن الحصول على تذكرتينا فلن نركب أي واحد منهم بإذن الله .
عدنا لجو الضحك والاستخفاف مجددا وعيوننا على الطريق تبحث عن مغيث، فجأة حولت نظر قريبتي إلى سيدة كانت قادمة باتجاهنا وأنا أقول :
– سأسأل هذه السيدة ربما يكون معها الحل لمشكلتنا .
تحدثت إلى السيدة بأدب فكان منها أن ساعدتنا بروح رياضية عالية، ابتسمت في وجهينا وأخبرتنا أنها عاشت ذات الموقف مرة قبل أن تتعلم كيف تقتني تذكرتها بالطريقة الإلكترونية، لم يكن بوسعي ترك النازلة تمر دون السؤال عن سر غياب بائعي التذاكر بالشباك فكان جواب السيدة:
– هذه المحطة بالذات تتواجد في مكان تكثر به عمليات السرقة واللصوصية ونهب أموال الناس وممتلكاتهم، لذلك يغيب عنها المسؤولون بداخل الشباك ويتم الإكتقاء بالتعامل إلكترونيا معه لاقتناء التذاكر .
حمدت الله أن ّالطرامواي” قادم وسيحملنا هذه المرة، فلم يعد ينفع بقاء في هذا المكان بعد الذي أفادتنا به السيدة جزاها الله خيرا .
كتبت ونشرت بتاريخ : 7 شتنبر 2013