شهد المغرب ليلة الجمعة 8 شتنبر 2023 زلزالا عنيفا هز عدة مدن ومناطق بالمملكة المغربية، حيث تضرر منه يشكل كبير إقليم الحوز. وقد بلغت قوة الزلزال سبع درجات على سلم ريختر، مما تسبب في انهيار مجموعة من المباني، وتصدع جبال، وإزهاق أرواح بشرية بالآلاف، وإصابة آخرين إصابات متفاوتة الخطورة، إلى جانب أسر تشردت، فغاب المعيل وبقي الله تعالى وحده للصغار والأرامل، وكان الدمع مواسيهم في مصابهم الجلل.
الزلازل في المغرب
يعتبر زلزال فاس الذي ضرب المدينة بتاريخ 22 شتنبر 1522 من الزلازل القديمة التي عرفها المغرب، وقد خلف المئات من القتلى والجرحى، وأتى على جزء من المدينة . وقد عاود مدينة فاس زلزال جديد في 11 ماي 1624م، حيث اعتبر ثاني زلزال تعرفه المدينة، خلف عددا من الضحايا والمصابين، ودمر الكثير من البيوت والمباني سوى في المدينة أو في القرى والدواوير المجاورة لها.
وفي 1 نونبر 1755 تضرر المغرب من الزلزال المدمر الذي ضرب لشبونة، والذي يعد أشد الزلازل فتكا وتدميرا في التاريخ، حيث تسبب في أضرار كبيرة لدولة البرتغال، امتد تأثيره السيء إلى المغرب، وخاصة مدينة الدار البيضاء التي سجل بها العديد من القتلى، أعقبه تسونامي واندلاع حرائق بالبلاد.
وفي نهاية نفس الشهر من نفس السنة، وتحديدا يوم 27 نونبر من سنة 1755 ضرب مدينة مكناس زلزال تسبب في مقتل ما مجموعه 15000 قتيل ينحدرون من مدينتي فاس ومكناس.
في 31 مارس سنة 1761 ضرب زلزال قوي لشبونة من جديد، كان من تداعياته حدوث تسونامي في شمال المحيط الأطلسي وجنوب شبه الجزيرة الإيبيرية، امتد هذا التسونامي لعدة دول من بينها المغرب، فقد على إثره عددا لا يحصى من المواطنين .
في 29 يناير 1909 زلزلت مدينة تطوان، ورغم أن قوة الزلزال لم تسجل إلا أنه تسبب في ما لا يقل عن مائة شخص وإصابة العشرات.
لم يقف الحديث عن الزلازل في المغرب هنا، بل تواصل ليذكر زلزال أكادير التاريخي، الذي وقع في 29 فبراير 1960، والذي دمر المدينة بشكل شبه كلي، رغم أن قوته لم تتجاوز الست درجات على سلم ريختر. تسبب زلزال أكادير في مقتل ما لا يقل عن 15000 شخص، وهو ما مثل ثلث سكان المدينة في تلك الفترة، كما جرح أزيد من 12000 آخرين، تاركا حصيلة ما لا يقل عن 35000 من الأشخاص بدون مأوى، وقد اعتبر زلزال أكادير أعنف زلزال ضرب المغرب في التاريخ الحديث بالنظر إلى القوة التدميرية وحصيلة الخسائر البشرية التي حققها.
بعد نحو تسع سنوات من زلزال أكادير، ضرب زلزال جديد دولة البرتغال في 28 فبراير 1969م، وصلت موجاته الارتدادية عددا من المدن المغربية، ما خلف مقتل 13 مغربيا وإصابة 80 شخصا.
في 24 فبراير 2004، عرف إقليم الحسيمة أحد أعنف الزلازل، بلغت شدته 6.3 درجات على سلم ريختر، تسبب في خسائر بشرية بلغت أكثر من 630 قتيلا معظمهم من سكان المناطق القروية فضلا عن الخسائر المادية والعمرانية الكثيرة.
زلزال الحوز 2023
زلزال ضرب المغرب في ثامن شتنبر، دمر الكثير من القرى في الحوز وتارودانت وشيشاوة وورزازات … خلف خسائر كبيرة في الأرواح بلغت ما يقارب 3 ألاف قتيل، وعددا لا يستهان به من المصابين والمجروحين، إضافة إلى العديد من الخسائر في الأموال والممتلكات.
رب ضارة نافعة
رغم الأضرار الكبيرة التي تسبب فيها الزلزال إلا أن نفعا كبيرا أبان عنه تجلى في انفجار عيون في عدة أماكن، وجعل منطقة الحوز محط أنظار العالم بعدما كانت مغمورة لا يعرف عنها الأغلبية شيئا، تنقل إليها وفود من المغاربة حاملين مساعدات مادية و أخرى معنوية وتقاسموا الوجع والألم مع سكان الدواوير، أصبحت منطقة الحوز وغيرها من المناطق المتضررة من الزلزال سيرة على كل لسان، واقعيا وعلى وسائل التواصل الإجتماعي وعلى شاشات التلفزة وأثير الإذاعات، ومن كان يظن أنه سيأتي يوم وتصبح هذه الجهة من المغرب المنسي محط اهتمام الجميع بعذا الشكل؟
ليس هذا فحسب، فالحياة المزرية التي كان يعيشها سكان هذه المناطق البعيدين كل البعد عن مظاهر التقدم والتطور الذي شهدته الحياة المعاصرة أصبحت مكشوفة للعموم، تثير الاستغراب حينا والتعاطف والتكافل حينا آخر. ومن منافع الزلزال أنه أدخل منطقة الحوز بدواويرها المتضررة في برامج التنمية والتأهيل، وأصبحت الأولوية في تقديم الدعم الإجتماعي تمنح لسكان هذه المناطق الذين قضوا سنين عمرهم في التهميش والإقصاء من خطط النموذج التنموي دون أن ينتبه لهم أحد لولا كارثة الزلزال التي عرت واقعهم الأليم.
فرب ضارة نافعة، ورب نازلة تغير حياة أناس لولا حدوثها لاستمروا في وحل المعاناة والحرمان والتهميش الفظيع.