بقلم : أسماء التمالح
تنتمي اللغة العربية إلى اللغات السامية، ويضعها اللغويون في المجموعة السامية الوسطى من اللغات السامية الغربية، وهي من أغزر اللغات من حيث المادة اللغوية، إذ إن معجم لسان العرب لابن منظور من القرن 13 مثلا، يحتوي على 80 ألف مادة، بينما قاموس ” صموئيل جونسون” في اللغة الإنجليزية – وهو من أوائل من وضعوا قاموسا إنجليزيا من القرن 18 – لا يحتوي سوى على 42 ألف كلمة.
سميت اللغة العربية لغة الضاد، فهي اللغة الوحيدة في العالم التي يوجد بها حرف الضاد، وهي اللغة الأغنى من حيث المفردات، إذ يبلغ عدد كلماتها من دون تكرار: ( 12.302.912 كلمة)، وهو العدد الذي لا يوجد في غيرها من اللغات.
إن اللغة العربية هي لغة الهوية، فلا يمكن للعرب والمسلمين أن يكونوا كذلك ما لم يتمكنوا من لغتهم الأم، ويؤكد العلماء أن من أراد أن يفهم القرآن الكريم، والحديث الشريف حق الفهم، فإنما يتحقق له ذلك من طريق التمكن من اللغة العربية.
تحتل اللغة العربية المركز الرابع عالميا من حيث عدد المتحدثين بها، وهي أكثر اللغات انتشارا في العالم، إذ يبلغ عدد الدول التي تتحدث العربية 60 دولة، منها 22 دولة عربية، والباقي متوزع بين آسيا وإفريقيا، حيث هناك قبائل تتكلم اللغة العربية في تشاد ومالي والكامرون وغيرها من البلدان.
من عجائب اللغة العربية، أن الكلمة الواحدة فيها يمكن أن تجد لها عددا لايستهان به من المرادفات التي تدل على المعنى نفسه، من ذلك مثلا كلمة ” الأنف ” التي لها ما يزيد عن 24 إسما يدل عليها، نذكر على سبيل المثال : الدواسة، العجوز، المنشف، المارن … إلخ، ومنه أيضا ” الأسد” الذي له 500 إسم، و ” الناقة والإبل” التي لها ألف إسم، و” العسل” وله 80 إسما، وهلم جرا ..
كما أن من عجائب اللغة العربية أنك إذا قلبت من تسكين إلى جر أو نصب أو رفع للكلمة، فإن المعنى يتغير ويصبح مدلول الكلمة مدلولا آخر.
كذلك، يمكن استعمال أحرف اللغة العربية وتركيبها في جمل، وصياغتها في أبيات شعرية لتقرأ من اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين، كما في :
( كل في فلك )، لو قرأنها بالعكس فالمعنى واحد لا يتغير.
وكذلك الشأن في هذا البيت الشعري:
مودته تدوم لكل هول ** وهل كل مودته تدوم
إلى جانب هذا، يمكن للغة العربية أن تقرأ في اتجاه أفقي و آخر عمودي محققة نفس المعنى دون تغيير سوى في الاتجاه والوضع الذي وضعت عليه.
مثال ذلك البيت الشعري التالي:
ألوم صديقي وهذا محال
صديقي أحبه كلام يقال
وهذا كلام بليغ الجمال
محال يقال الجمال خيال
في اللغة العربية، حرف واحد يستطيع أن يعطينا معنى معينا، مثال ذلك:
ق: ومنها، ق نفسك سوء الأخلاق.
ف: ومنها، ف بوعدك مع الغير.
ع : ومنها، ع ما تقول .
حقا .. إن اللغة العربية لغة معجزة، وإلا ما كان القرآن الكريم نزل بها، وما كان الله عز وجل تولى حفظها، فهي لغة الصلاة والعديد من الشعائر الإسلامية والعبادات، وقد كان للإسلام دور في تحويلها من لغة الأشعار إلى لغة الأفكار، ثم لغة العلم والمعرفة والشرع، إلى أن صارت يترجم منها وإليها العديد من المؤلفات في ميادين مختلفة: علمية، وأدبية، وفلسفية، وتاريخية، وغيرها.
تضم اللغة العربية ثمانا وعشرين حرفا مكتوبا، ويقول بعض اللغويين بإلزامية الحاق حرف الهمزة بحروف اللغة العربية ليصل العدد تسعا وعشرين حرفا.
لقد كان طلاب العلم في أوروبا يأتون إلى الجامعات العربية لطلب العلم، خصوصا في الأندلس، وقد ساهم ذلك في نقل العديد من الكلمات العربية إلى لغتهم، لدرجة أن الناس اعتقدوا أن أصل الكلمات أجنبي، بينما الحقيقة أن أصلها عربي صرف، من ذلك كلمات: طماطم، سكر ، بطاطس وغيرها المشتقة من العربية في اللغة الإنجليزية.
كما أن اللغة الإسبانية تغزر بكلمات ذات أصل عربي، من بينها التعابير والمصطلحات في أسماء الحرف وأصحابها، وأسماء الأماكن والمباني، والزهور وغيره، ومن المسلم به في اللغة الإسبانية أن كل كلمة تبدأ ب ” ال” (AL) هي أصلها عربي تبدأ بأداة التعريف العربية ألف ولام.
من المشاكل المعاصرة التي تواجه اللغة العربية الثنائية اللغوية في الوطن العربي، وإهمال أهل العربية لها وتفضيل التحدث باللهجة العربية المحلية عوض الفصحى، إلى جانب شيوع الكتابة العامية وانتشارها انتشارا واسعا على شبكة الإنترنيت ومواقع التواصل الإجتماعي، مما انعكس سلبا على حضور اللغة العربية الفصيحة، ناهيك عن توسع المدارس والجامعات العالمية ببلادنا العربية مؤخرا، والتي أضحت محط فخر وعنوان تقدم وحضارة عند بعض العرب، في تهميش كلي للغتهم الأصلية التي هي العربية الفصحى.