من الشعارات التي رَدَّدها عددٌ من الأفراد في أثناء الحَراك الشعبي بأصيلا خلال شهري يوليوز وغشت شعاراتٌ تُطالب بتنحية السيد محمد بنعيسى عن رئاسة المجلس البلدي للمدينة. ومن هذه الشعارات قولُ بعضهم: “بنعيسى ارحل..ارحل يَعْني امْشِ..وَاشْ مَا كَـتْـفْهَـمْشي؟”، وقول آخرين: “يا سلطة يا وَصِيّة، هُزّْ عْلينا الأَذِية”، وهي دعوةٌ صريحةٌ لسلطة الوصاية كي تقومَ بعَزلِ شخصٍ تولى رئاسة مجلس المدينة عن طريق الانتخابات.
وإذا نحن بَحَثنا في دوافعِ رفع هذه الشعارات أمكننا إرجاعُها إلى ضيق بعض الأصيليين بتسيير السيد محمد بنعيسى لشؤون الجماعة الحضرية وطريقة تعامله مع مشاكل المدينة، وحُلْمِهم بإحْلالِ شخصٍ آخر مَحَلَّه وإحلال أغلبية أخرى مكان أغلبيته الحالية داخل المجلس، وهو حُلمٌ مشروعٌ لا نملك إلا أن نحترمَ أصحابه ونُدافعَ عن حقهم فيه.
غير أن ما يدفعنا لمناقشة ما رفعه أصحابُ هذا الحلم من شعاراتٍ ذكرنا أمثلة لها هو مدى شرعية المطالبة بتغيير رئيس المجلس – وأغلبيته أيضا – عن طريق التظاهر في الشوارع والساحات، ومن خلال وقفات الاحتجاج وما تعرفه من حلقيات للنقاش والحوار.
صحيحٌ أن السيدَ محمداً بنعيسى قد ترأس مجلسَ المدينةِ البلديَّ أكثر من ثلاثين سنة، وأن برامجَه الانتخابيةَ المتتالية تضمنت وعودا بإنجاز مشاريعَ لم يَخرُجْ كثير منها من الورق إلى الواقع، وأن مرحلةَ رئاسته للمجلس عرفتْ أخطاء في التسيير.. ولكن هل تستقيمُ الدعوةُ إلى تنحيته من خلال التظاهر والاحتجاج والاستعانة بسلطات الوصاية، والحالُ أن الرجل إنما تولى رئاسة المجلس طوال هذه الأعوام لنجاحه المتوالي في الاستحقاقات الانتخابية (مع ما تخلَّل هذه الاستحقاقات من اختلالات)!؟
إن كل ديمقراطي يؤمن بالتداول السلمي على السلطة، وبصناديق الاقتراع آليةً لهذا التداول، وبضرورة احترام إرادة السكان، لن يَجدَ للدعوة إلى تنحية رئيس المجلس المنتخَب أي صلة بالديمقراطية. وما على الراغبين في رحيل محمد بنعيسى سوى رَصِّ صفوفِهم، والنزولِ إلى الشارع لمحاورة الناس ومحاولةِ إقناعهم بالتصويت على غير بنعيسى ومُرشَّحيه في الانتخابات المقبلة، أما ما عدا ذلك فلا يتجاوز دائرة الكلام والأحلام البَعِيدَيْن عن الديمقراطية مهما ارتفعت أصوات المتكلمين الحالمين ومهما كثُرتْ أعدادُهم. وبالله التوفيق.
شاطئ أصيلا يوم 27 من غشت 2014.