بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية شاركتُ صباح اليوم (الجمعة 17 من ديسمبر) في فقرة من المجلة الإذاعية “هنا طنجة” بإذاعة طنجة الجهوية خصصت لهذه المناسبة العالمية.
كان موضوع مشاركتي الأخطاء اللغوية الشائعة، ومجالات انتشارها، وسبل التقليل منها. وقد سررت بالأسئلة الجادة والمفيدة للأستاذ الصحافي المتميز خالد اشطيبات، وهي أسئلة مُعدَّةٌ بعناية وموزعة على محاور متعددة. وفيما يلي بعض ما ورد في أجوبتي عن أسئلته، وقد وضعتها تحت عناوين وتركتها في صيغتها الشفهية المرتجلة:
1- العربية في البيت:
المطلوبُ والمرغوبُ والمحبوب هو أنه كلما استطاع الأب أو الأم أن يُحدّث ابنَه بعربية فصحى كان ذلك أنفع لهذا الطفل ولهذا الابن و”تمهيرا” له على التحدث بالفصحى والتمكن منها.
2- في مواقع التواصل الاجتماعي:
فضاءاتُ التواصل الاجتماعي لا يمكن أن ننظر إليها نظرة واحدة.
لنأخذ على سبيل المثال صفحات الفيسبوك: فيها صفحات يصدق فيها ما ذكرته الآن من غثاثة وهجنة، والمُقبل عليها والمُكثر من قراءتها، خصوصا من التلاميذ والأطفال، لا يمكن أن يستقيم لسانه.
لكن في الوقت نفسه هناك صفحات لعلماء وباحثين فضلاء أجلاء لغتهم سليمة، بل راقية ورائعة، والإقبالُ على قراءتها يُقوّم الألسنة، لا ألسنة الأطفال والتلاميذ فقط، بل حتى ألسنة الإعلاميين والباحثين والكتاب.
3- في لغة الصحافة:
الصحافيون يقدمون اللغة كل يوم للناس، فهم بمثابة مسؤولين عنها، فإن شاع وذاع على ألسنتهم الخطأ تلقفه الناس وصار خطأ شائعا ذائعا ومشهورا ومنشورا.
إذاً فمسؤوليتهم أمر أساس في هذا الجانب. لكن هناك بعض الصحافيين يجتهدون من أجل تطوير مهاراتهم اللغوية. ولكن المطلوب أكثر مما هو موجود. وأنا أستحضر هنا بعض الكتابات الجادة والجيدة التي حاولت أن تسهم في تجويد لغة الإعلام والصحافة، وأذكر على سبيل المثال كتابا للدكتور عبد الهادي بوطالب رحمه الله عنوانه “تصحيح لغة الإعلام العربي” قوم فيه مجموعة من الأخطاء الشائعة والذائعة على ألسنة الإعلاميين والصحافيين سواء في الصحافة المكتوبة أم المسموعة والمرئية.
4- نحو تجويد الأداء اللغوي:
يمكن للمرء أن يذكر بعض الأمور التي تفيد كل راغب في تجويد اللغة وتحسينها والحفاظ على سلامتها. أذكر من هذه الخطوات:
أ- الإقبال على قراءة النماذج العليا من النصوص العربيةِ السليمةِ من الأخطاء، وأقصد ههنا على سبيل المثال الإقبال على قراءة النص القرآني، والحديث النبوي الشريف، وعيون الشعر العربي، وحفظ ما يمكن حفظه من هذه النصوص، وتمثله واستظهاره، ومحاولة النسج على منواله عند الحديث وعند الكتابة..
ب- قراءة ما يتيسر من كتب اللغة (المعاجم مثلا) وكتب النحو، ومما ذكرته منذ قليل وهو الكتب التي اهتمت بتصويب الأخطاء اللغوية. ونحن في المغرب – ولله الحمد – لدينا كتب في هذا الباب. أستحضر مثلا: بعض مقالات العلامة عبد الله كنون في كتب مختلفة له. أستحضر كتاب “تقويم اللسانين” للعالم محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله، أستحضر كتابا آخر عنوانه “عثرات الأقلام والألسنة” للعالم محمد المنتصر الريسوني رحمه الله، وكتب أخرى…
قراءةُ هذه الكتب التي نب|ه فيها أصحابُها على الأخطاء الشائعة وصوبوها تساعد على تخليص اللسانين -اللسان المتكلم واللسان الكاتب- من هذه الأخطاء الشائعة.
ج- أيضا مما يمكن أن يكون مفيدا، في هذا الباب، أن يُخضع ما يُقدم عبر وسائل الإعلام – بالإضافة إلى المقررات الدراسية – أن يُخضع هذا كله للجنة متخصصة في اللغة لكي تقومه وتعدله قبل تقديمه للناس..
أقترح (وهذا مجرد اقتراح قد تلتقطه أذن حكيمة، وقد يُعمل به ويكون في ذلك خدمة لهذه اللغة) على سبيل المثال: هذه النشرات الإخبارية التي تُقدم، لا عيب ولا ضير في أن تُضبط بالشكل، وخصوصا أواخر الكلمات، حتى إذا ألقى المذيع هذه النشرة تلقى الناسُ منه لغة سليمة مضبوطة..
هذا إجراءٌ عمَلي يُسهم في تقديم لغة سليمة للناس. ويمكن لدور النشر التي لها غيرة على العربية أن تأخذ به أيضا، فتجعل من بعض المتخصصين في اللغة عاملين عندها يضبطون بعض الكلمات بالشكل (لم لا؟) حتى إذا ما قرأ الناسُ هذه الكتبَ قرأوا نصوصا سليمة. وإذا تكرر هذا الأمرُ مع هذا الكتاب، ومع كتاب ثان، وثالث..
ترسخت في ذهن القارئ لغة سليمة وتمكن بعض التمكن من مَلَكة اللغة باعتياده على قراءة هذه النماذج المضبوطة والسليمة لغويا………..