بَعْدَ رشفاتٍ من شاي المساء سقطتْ على الطاولة ورقة من أوراق الشجر المجاور لسور قديم.
نظرتُ إلى صُفرة الورقة قليلا، وسألت نفسي دون كثير تفكير: لم سقوطها الآن؟ ولم هذه الطاولة دون سواها؟
ابتسمت الورقة وقالت: لي أكثر من إجابة عن سؤالك؟
استغربتُ أن تتكلم، ثم أسرعت بالقول مخافة أن تعود إلى صمتها: هلا أخبرتني بهذه الإجابات؟
قالت: هذا أمرٌ يَطول وتَفنى دونه الأعمار والأشجار.
قلت: أريد أن أعرف بعضا من هذه الإجابات.
قالت: سقوطي هو الخريفُ غِبَّ ربيعٍ فاتن.
قلت: وماذا أيضا؟
قالت: سقوطي نهاية مولود وإعدام موجود.
قلت مستخفا بما سمعت: حسبتك ستُفيدينني بما لا أعرفه، فإذا كلامك كقول القائل “السماء فوقنا والأرض تحتنا”.
ضحكتْ من كلامي ضحكاً أمالها يمينا وشمالا ثم قالت:
” قد عرفتَ لو ارتقى بك ما عرفته من مقام إلى مقام.
المولودُ أنتَ..
والموجود أنت..
والخريفُ عمرُك الذي أوشك أن يفنى وأنت ساهٍ لاهٍ متباه.
فافهم إذاً دَرْسَ سقوطي هذا المساء، وانظر بنور قلبك إلى ما فيه من ضياء.
الورقة أنت يا أخي. نعم أنت، وهذي رسالة البقاء إلى الفناء”.
أبو الخير
أصيلا في 08/ 06/ 2021م