وإليكم هذه الحكاية الواقعية أحكيها بلسان أحد أبنائي : « كنت في ڤانكوڤر، أسكن في عمارة من ثلاثة طوابق ولا تتوفر على مصعد، فكنا نصعد وننزل راجلين، وكانت تسكن تحت شقتي سيدة كندية، التقينا ذات يوم على السلم فحييتها، فإذا بي أجد لها استعدادا للحديث، وركزت على موضوع يشغل بالها، ذلك أن لها كلبا، وكلبها المسكين اعتل عندها، فحملته إلى الطبيب البيطري، فشخَّص لها أن كلبها يعاني من الفراغ العاطفي، وذلك لانزوائه وحيدا، ولمدة طويلة في بيته، وهو بطبيعته اجتماعي، ولا يجد من يلاعبه، ووصف لها أن علاجه ممكن، وذلك بأن تتخلى هذه السيدة عن وحدتها، وتبحث عن ذوي قرابة، وتسأل عمن أطال غيابه، وتكسر مع كلبها هذه الرتابة، وعندها سيشفى الكلب من الكآبة، ويسعد ويهزم اضطرابه . وعندما اطمأنت إلى تعاطفي معها توسلت إلي بأن أساعدها في علاج كلبها الأثير، فسألتها: كيف ذلك؟!
دخلنا المتجر فوجدنا الأثمنة مرتفعة، والتقط أبو العيال صورة له مع دب اصطناعي ضخم. ومما أثار انتباهنا داخل المتجر لوحة إعلانات خشبية ثُبّتت بها مسامير معقوفة عُلقت عليها سلسلات مفاتيح، بعضها فيما يبدو شقق سكنية، وبعضها للسيارات والمنقولات، ولا يُستبعد أن تكون العادة الجارية عندهم هنا، أن الزبناء المفترضين والراغبين في الكراء أو الشراء، يأخذون المفاتيح، ويزورون الشقة المعلن عنها، ويطلعون على خصوصياتها، وكذا الأمر بالنسبة للسيارات؛ ثم يرجعون المفاتيح بمحض إرادتهم إلى مكانها، ويقررون بعدها إن سلباً أو إيجاباً؛ إنها الثقة العمياء، وتصرفات الأصفياء. وحتى إن كانت هذه المفاتيح في ملكية المتجر، وفي متناول مستخدميه فإنها وُضعت قرب باب دخول وخروج المتسوقين، فهم إذن على ثقة ويقين.
طريق السيارات هنا مُلتوٍ وصعب، يشبه الطرق الثانوية عندنا في جبال الأطلس والريف، ومن أطرف ما شاهدناه في أحد الوديان الذي تعبره سكة القطار، رأينا سيارة تمشي على القضبان، يبدو أن محركها يدير العجلات الحديدية التي قد تكون عوّضت المطاطية، ويستعملها مهندسو السكة وتقنيوها، لأنه لا يمكنهم استعمال السيارة في هذه المناطق الوعرة من جبال روكي الصخرية الرعناء، والتي تندر فيها طرق السيارات، والطريق الذي نستعمله يكفي بالكاد للنقل السياحي ويخضع للترميم باستمرار.