لم يعد لدينا ما نخاف عليه ، انتهكت حرمتنا ، مست كرامتنا ، دنست مقدساتنا ، اخواننا هناك في فلسطين يقتلون ويذبحون ويغتصبون ، يسلبون من حقوقهم ، يجردون من ممارسة حرياتهم ، واقعون تحت القيد والأسر ، خاضعون لأوامر واكراهات تؤذي المشاعر الانسانية .
اليهود طغوا واستبدوا ، يعتقدون أنفسهم أقوياء بما يفعلون بالأبرياء وهم جبناء بما تحمله الكلمة من معنى ، زوروا التاريخ وزيفوا الحقائق ، وبلا استحياء وخجل صرحوا أنهم أصحاب الدار وطالبوا أهل فلسطين بالرحيل والبحث عن مكان آخر للعيش بعيدا عن ارض المقدس . ليس بوسعنا الصمت أكثر ، سكتنا كثيرا وتعرض اخواننا في فلسطين للظلم والقهر أكثر وأكثر ، شاهدنا أبشع المجازر ، تابعنا أسوأ المحارق ، سمعنا دوي انفجارات واخترقت آذاننا صراخات وعويل وزغاريد جراح وألم ، بكينا لحال اخوتنا وما أفادنا وأفادهم البكاء ، تحسرنا وما حسرتنا بمغيرة لشيء ، اخواننا يحتاجون أرواحنا ودماءنا نفديهم بها ، القدس غال وما أرواحنا ونفوسنا بأغلى منه .
مهد الحضارة وأولى القبلتين وثالث الحرمين ، حولوه من بقعة طاهرة الى مكان لهو وعبث ، شيدوا بداخله الحانات و الملاهي ومورست بين جدرانه الرذائل و الفواحش ، استفزازات الصهاينة للشعوب العربية و الاسلامية متواصلة ، انشقاقنا ككتلة عربية عزز قوتهم ، ضعف ايماننا زكى استبدادهم ، أنانيتنا وتفكيرنا في مصالح أنفسنا شكلت ورقة رابحة لهم ، فالحصار مستمر ، والتهديدات متجددة، وأصوات المظلومين تحتسب أمرها لله وتشكوه تخلينا وما كلنا تخلى ، بل فينا العاجزين وسر عجزهم خطوط حمراء لا يجب تخطيها ، رسمتها القوانين وحذرت منها المواثيق ، في الوقت الذي لا يقيم اليهود المتغطرسون اعتبارا لأي منها .
من فترة قصيرة انطلقت سفن صوب الأراضي المحتلة ، سفن تبغي السلم والسلام وتسعى الى رفع الحصار و المعاناة عن شعب كل ذنبه أنه فلسطيني ، خلق ونشأ وترعرع فوق أرض لطالما ارتبط اسمها باسم المسيح وباسم خاتم الأنبياء و المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ورسل من قبلهم . لم تسلم سفن الحرية هاته من الأذى و الضرر ، تطاولت عليها أيادي العدو الغاشم ، اعتدت وعذبت وقتلت فاستشهد من استشهد ، وعاش من عاش وعاد من عاد الى وطنه يجر أذيال الخيبة ويتجرع فشل محاولة معانقة اخوة حال العدو دون مصافحتهم .
أتراه درس لنا – نحن أمة الاسلام – يريد تلقيننا مفاهيم في اصلاح الذات ويحتاج منا تفعيل مبدأ الاتحاد و التلاحم ليتحقق الحلم ؟؟
حتى وان فشلت محاولات أسطول الحرية في تكسير الحصار ، فان الأمر لا يعني الابتعاد عن هذه الخطوة الشجاعة ولا يعني مطلقا شيئا اسمه *الهزيمة * . أبدا ، من يدري ؟؟ ربما هي بداية حقيقية وانطلاقة ناجحة لتحرير أراضينا ، ربما هو المسلك الصحيح الذي يتطلب تكرار المحاولة ثم المحاولة لبلوغ النصر في أجل معين ، ربما تنقصنا أشياء لم تدعمنا أو لم نحملها معنا حضورها واجب وتوفرها ضروري للوصول الى بر الأمان .
فالى أن يتحقق الحلم الذي نصبو اليه جميعا سنردد : كلنا أسطول الحرية ، وان كنتم أيها اليهود استطعتم التصدي للأساطيل البحرية فان هناك أسطول لا تعلمون عظمته ولا تفقهون في مخططاته شيئا ، ألا وهو الايمان القوي بالله عز وجل والدعاء الخالص له بالنصر و الفلاح ، أسطول لن تستطيعوا توقيفه أو ارهابه أو تذويبه ، لن تعلموا بموعد خروجه ولا بوقت وصوله ، لكنكم ستدركون وتستشعرون رهبته واعجازه عاجلا أو آجلا .