كثر الحديث عن المرأة في السنوات الأخيرة و اشتد الهجوم و القدح فيها ، حتى بات يخيل للجميع أن لا امرأة صالحة توجد في عصرنا هذا على وجه البسيطة .
أصوات تشن حربا ضروسا على الجنس اللطيف تهين تارة وتقذف أخرى في تعميم شامل وتحطيم كلي ، مقالات تكتب تروج لصورة مشوهة عن حواء ، تعطي انطباعا سيئا عنها رغم أنها لا تختلف عن الرجل في كونها تخضع للتصنيف ، حيث هناك صنف يستحق بالفعل أن يلحق به ما يلحق من تحقير و اذلال وتدنيس، لما جلبنه من عار ومهانة للشرف العربي و الهوية الاسلامية المتأصلة من صيانة الكرامة الانسانية وحفظ العرض وماء الوجه من كل ما قد يذهب به ، وصنف متضرر لا يد له فيما يحدث على مسرح الحياة من مهازل ومشاهد لاأخلاقية ، موجوع يرى ولايستطيع فعل شيء غير الاستنكار ، مكلوم يحبس آلامه بداخله وهو يشاهد مشجعي الفاحشة يصفقون لها ويدعمونها بشتى الوسائل .
“” فأين هو الانصاف ؟؟ صحيح أن الانحلال أخذ مجرى غير طبيعي على أرض الواقع ، صحيح أن المرأة لعبت دورا مهما فيما آلت اليه الأخلاق العامة من تراجع وانحطاط بقصد أو بغير قصد ، لكن أن نشهر سلاح القذف و اللعنة والذم والسب و التجريح في حق كل امرأة دون مراعاة لشعور فئة مهمة منهن ، أو استثنائهن من كل موجة غضب عارم سببه استهتار بعضهن بالقيم النبيلة ، فأظنه ليس من الانصاف و العدل في شيء بل الظلم عينه.
فلماذا نستشهد دوما بالوضيعات من النساء ونغض الطرف عن الخلوقات ؟؟
ان الصنف الثاني من حواء الذي ذكرته آنفا ليحتاج الى وقفة تأمل وتبصر دقيقين ، نظرا لحجم المعاناة التي يعانيها من الجهتين : من جهة بنات جنسه اللواتي تجردن من كل معاني الانسانية وسمحن لأنفسهن بأن يكن سلعة رخيصة مبتذلة ، ومن جهة المجتمع الذكوري على وجه التحديد ، الذي يصر دائما على الجمع وعدم التفرقة و التمييز أو حتى الاعتراف بأن هناك صنف من النساء الى وقتنا هذا حري بنا الوقوف له اجلالا واحتراما وتعظيما .
ينطبق كل ما قلناه على المرأة العربية في مختلف الأوطان ، واذا ما أردنا تخصيص الحديث عن المرأة المغربية فاننا سوف لن نجد لها مثيلا بين أخواتها في الأقطار العربية الشقيقة من حيث ما يطالها من تعنيف ونعت بأبشع الأوصاف .
فالمغربية موضوعة على طول الخط في خانة ضيقة لا تخرج عن نطاق السحر و الشعوذة والدعارة ، يكرس لهذا المبدأ الاعلام العربي بمختلف قنواته، والذي يجتهد دوما في ابراز الصورة غير المشرفة عن المرأة المغربية باستضافته لشرذمة من المومسات وبنات الليل اللواتي لا يخلو اي بلد في العالم من وجودهن ، وتقديمهن الى العالم في شكل برامج وفي تحدي صارخ على أنهن مغربيات وكذلك هن المغربيات ، ضاربين بالعفة المغربية عرض الحائط ، تاركين أغلب الأسر و العائلات تتجرع المرارة و خيبة الأمل القوية مما يسوق عن بلدنا ، وكأن مغربنا بالفعل يفتقر لفضليات وخلوقات وصانعات أجيال صالحات و..و..
في الوقت الذي يقف فيه الجميع مندهشا من صمت الاعلام المغربي وعدم تحرك السلطات المسؤولة عن ايقاف مثل هذا التسويق المجاني ،الذي هو يؤذي بلدنا قبل أن يؤذي مشاعر الأشخاص المنضوين تحت لوائه ، ليس كل الأشخاص طبعا لأنه للأسف يوجد من المغاربة من لا يكترث للمغربية العفيفة ، ولا يريد الاقرار بوجودها ربما جهلا، وربما من فرط ما جمعته ظروفه الخاصة بغيرها من المنحلات ، وربما تمردا عليها فقط .
مهما روج من أباطيل وحقائق مزيفة عن المرأة المغربية ، رغم السهام الموجعة الموجهة اليها في كل حين بسبب دناءة بعضهن ومجونهن يظل الأصل أصل ، ويظل للمغربية صوت تسمعه للعالم تقول من خلاله انها بخير ، وليست تقل قيمة وشأنا عن نظيراتها في الكون كله من حيث الانتاج و العطاء ، فقط ارفعوا عنها الظلم ، حرروها من قيود الرذيلة التي صنعتها أخريات ، فكبلتم بها اياديها وصرتم تدوسون عليها حتى كتمتم انفاسها وخنقتموها فلم يعد يسمع لها حس . قال صلى الله عليه وسلم : ّ لا يكرمهن الا كريم ولا يهينهن الا لئيم ّ . صدق رسول الله .