تحية للجمهور الكريم الذي نتقاسم وإياه هذا المساء متعة حضور هذا الحفل التكريمي البهيج الذي نتمنى تكراره مع ناشئة المدينة من الفاعلات و الفاعلين في شتى المجالات الجمعوية والرياضية والفنية والأدبية… تقويضا لفلسفة التكريم المعمول بها عربيا، من الماء إلى الماء، والتي تتأرجح ما بين تكريم الأجانب لتوسيع شبكة العلاقات وتكريم الشيوخ من أبناء البلد ممن همشوا طيلة حياتهم.
فطوبى للصديقة أسماء التمالح بهذا الاستثناء وتحية لإدارة المركز الثقافي بمدينة القصر الكبير على قلبها لهذا التصور السائد في التكريم والاحتفاء بالعطاءات والطاقات، وعلى مبادرتها الجميلة الهادفة إلى الالتفات إلى الشباب لتحفيزهم على الفعل الهادف والجاد أو التنويه بعطاءاتهم وجهودهم على الأرض. وهي بلا شك أشكال مبتكرة في الابتسام في وجه من يفترش قلبه بساطا لمرور الآخرين.
وبين هذا وذاك، يبقى التكريم أنواع ودرجات منه التوشيح والتوسيم والاقتراح للجوائز أو إطلاق جوائز باسم المكرم أو تسمية المؤسسات الثقافية أو الشوارع أو الأحياء باسمه أو العضويات الشرفية أو تقديم الشهادات الأكاديمية الفخرية أو “أضعف الإيمان” وهو التكريم من خلال تنظيم حفل للاعتراف بعطاءاته بالتركيز على نقاط القوة والإيجابية في مساره كما هو الحال اليوم.
وفي هذه المناسبة، أذكر أن أول كتاب قرأته گان هو ذلك الكتاب الجائزة التي تسلمته في نهاية السنة الأولى ابتدائي وعمري سبع سنوات وكانت قيمته المالية خمسة عشر 15 سنتيما وكان عدد صفحاته ثمان صفحات من القطع الصغير وعنوانه “فانفو والقرد”.
وتدور القصة حول رجل اسمه “فانفو” يريد الإيقاع بالقرد في فخ نصبه له تحت الحشائش وهو لا يعلم بأن القرد كان يقلده وكان بدوره ينصب له فخا أوقعه فيه عند نهاية القصة في الصفحة الأخيرة، الصفحة الثامنة.
على طول مشواري الدراسي والعلمي، لا أذكر حدثا أسعد من تسلمي تلك الجائزة في أول فصل دراسي، القسم التحضيري، أمام ثمانية وأربعين تلميذا ، بمعدل ثلاثة تلاميذ في الطاولة الواحدة. لا أذكر حدثا أسعد من ذلك التكريم الأول والأجمل في حياتي والذي لم تضاهيه لا فرحة نجاحي في الباكالوريا، سنين بعد ذلك، ولا فرحة نيلي شهادة الإجازة ولا الماستر ولا أي شيء.
إنه سحر الفرحة الأولى، إنه فعل التكريم الأول الذي لا تبلى قوته ولا تفتر. فهنيئا للصديقة أسماء التمالح بهذا التكريم، وهنيئا لإدارة المركز الثقافي بهذه المبادرة، وهنيئا لمدينة القصر الكبير بهذا التغير الجميل….
مع تحيات محمد سعيد الريحاني.