تعتبر مدينة القصر الكبير واجهة ثقافية ومحطة بارزة للعلم والمعرفة، وقد نجحت في إنتاج مشاريع ثقافية كبرى صارت مرجعا للمهتمين بالثقافة على المستوى الوطني، فلا يكاد مجال إبداعي أو معرفي يخلو من ذكر مدينة القصر الكبير بأبنائها الذين يوقعون أعمالهم المتميزة و المبتكرة التي تعكس صورة المدينة العريقة بأصالتها ونبوغها.
كتب الباحث أسامة الزكاري:
وتعتبر الإعلامية أسماء التمالح واحدة من العناصر النشيطة التي أضحت تعزز المشهد الثقافي والإعلامي الراهن للمدينة، بالنظر لأدوارها الإشعاعية الواسعة التي شملت مجالات واسعة، جمعت بين الفكر والإبداع والعمل الجمعوي والتواصل الإعلامي الورقي والإلكتروني، بجرأة كبيرة وبإقدام استثنائي وبحيوية مثيرة، وقبل كل ذلك، بحب كبير لفضاءات مدينة القصر الكبير وبعشق صوفي للوجوه وللأمكنة وللرموز التي تضفي صفة البهاء على مكونات هذه المدينة.
لقد استطاعت أسماء التمالح تحويل مدونتها الإلكتروني إلى واجهة مشرعة لضمان تواصل نخب مدينة القصر الكبير مع محيطها المحلي والوطني والدولي، بل وإلى محطة لابد منها عند كل محاولات تتبع عطاء المدينة، اجتماعيا وثقافيا وفكريا وإبداعيا.
فعبر العديد من التغطيات الراصدة والمقالات الموازية، استطاعت أسماء التمالح توفير واجهة للرصد المتواصل لتفاصيل كل الخصب الذي تنتجه مدينة القصر الكبير، وكذا لجزئيات كل عناصر توهج الذاكرة الفردية والجماعية التي تعطي لمدينة القصر الكبير ألقها الكبير وتوهجها المستدام.
وبهذه الصفات، تحولت أعمال التمالح إلى مرجع لا يمكن تجاوزه –بأي حال من الأحوال- عند كل محاولات التوثيق لإبدالات المشهد الثقافي المحلي لمدينة القصر الكبير، وكذا لمعالم تشعب عطاء نخبها المبدعة والمنتجة للأفكار وللرؤى وللمشاريع الثقافية الكبرى. (1)
وكتب الأستاذ محمد الموذن :
تمثل المدونة المغربية أسماء التمالح نموذجا للإعلام الملتزم بقضايا الوطن والناس. إذ ما تفتأ المدونة الشابة تظهر حرصا واضحا على مواكبة الأنشطة الجادة، واللقاءات المفيدة، من أجل التعريف بها وتسليط الضوء عليها. وهو أمر يحمد لها، لأنه يسهم في تعرف جمهور القراء على الجديد المفيد. وقد تمكنت بفضل جديتها، وإخلاصها من استقطاب جمهور كبير، ومتنوع من المغرب وخارجه، أصبح متابعا لما تنشره على مدونتها، لأنه يجد فيه ما يلبي حاجته إلى المعلومة، وشغفه بالمعرفة. (2)
أما الأكاديمي الدكتور مصطفى يعلى فقدم كتاب ” مكاشفات في الأدب والفن والإعلام” لأسماء التمالح بما يلي :
بعد سنوات متتالية ممتدة من البذل والعطاء في المجال الإلكتروني، كان حريا بالكاتبة أسماء التمالح أن توثق جهودها وتصدر كتابا ورقيا، في محاولة للجمع بين ماهو إلكتروني وما هو ورقي، من هنا جاء ميلاد كتابها وباكورة أعمالها المعنون ب ” مكاشفات في الأدب والفن والإعلام”، ويسرنا أن نعرض فيما يلي نص كلمة الدكتور مصطفى يعلى التي تصدرت الكتاب: (3)
في سياق اللحظة الثقافية المفصلية المعاصرة، يتحرك التطور الثقافي المتسارع، المستند إلى وسائط التواصل الإلكتروني الحديث بديناميكة مطردة، حيث أطلت كثير من تباشير التعاطي الثقافي المختلف نوعيا فضاء وإنتاجا وتلقيا وتفاعلا، مما فتح آفاقا شاسعة في وجه الفعل الثقافي الواعد أمام الجميع.
ومن هنا جاء انخراط معدة هذا الكتاب (مكاشفات في الأدب والفن والإعلام) في هذا التحديث الثقافي الإعلامي بنشاط دؤوب ملحوظ . (4 )
وعن انتقال أسماء التمالح من النشر الإلكتروني إلى النشر الورقي كتب أسامة الزكاري :
وإذا كانت الكثير من منابر النشر، العام والمتخصص، قد أضحت تنحو نحو الانتقال من الإصدار الورقي إلى الإصدار الإلكتروني، فإن أسماء التمالح قد غيرت اتجاه هذا المنحى، بتوجهها نحو الانتقال من النشر الإلكتروني إلى النشر الورقي، وذلك من خلال كتابها “مكاشفات في الأدب والفن والإعلام”، الذي رأى النور عند مطلع السنة الجارية (2017)، في ما مجموعه 195 من الصفحات ذات الحجم المتوسط. وفي الحقيقة، فالعمل يعتبر استثمارا لجهد طويل وممتد في الزمن، استهدفت –من خلاله- صاحبته سبر أغوار عوالم الإبداع والعطاء لدى قطاعات واسعة من مبدعي المغرب الراهن ومفكريه المتميزين. دليل ذلك، هذا الانفتاح الواسع على عوالم هؤلاء المبدعين الذين صنعوا تجارب على تجارب، ومسارات على مسارات، وأرصدة على أرصدة، كان لابد من التوثيق لمنعرجاتها “ورقيا” حتى لا تضيع نتائجها ومضامينها داخل دهاليز العوالم الإلكترونية الاستهلاكية اليومية. (5)
أما محمد سعيد الريحاني فنحدث عن الفعل التدويني لأسماء التمالح بالقصر الكبير وقال :
لقد تمثلتُ الفراشةَ دوما كنموذج للتحرر، منذ طفولتي. كما أمسيت أشبه النشطاء والنشيطات في كل المجالات بالفراش والفراشات. ومن أسماء الفراشات التي تبينتها مؤخرا، اسم الفراشة النشيطة “أسماء التمالح” وهي تجوب كل البساتين وتحط على كل الازهار دون أن تعلم بأنها تلقح الخضرة والصفرة والحمرة وباقي ألوان وصفات الجمال معلنة انطلاق الربيع…
فالمتتبع لدينامية الفعل التدويني بمدينة القصر الكبير، يتعرف بسهولة على إسهامات “أسماء التمالح” في كافة المجالات التي تتوقع كاميرا وميكروفونا. فهي هنا تكرم معلمة تشرف على التقاعد بعدما أنجبت أجيالا تخرجت من جامعات الوطن وخارج الوطن ولم يلتفت لعطاءاتها أحد لا من الإداريين ولا من قدماء التلاميذ، وهي هناك تشرف على ورشات تصحيح صورة المرأة في الإعلام متنقلة بين الإعداديات في نكران ذات صوفي نادر، وهي هنالك تفتح حوارات مع مبدعي ونقاد وباحثي المدينة متحدية الثقافة السائدة في المدينة منذ عانق أبناؤها الكلمة وهي تأجيل تكريم الفاعلين الأحياء إلى حين رحيلهم… (6)
يضيف رشيد الجلولي ويقول :
فالكاتبة أسماء التمالح، ومن خلال محاوراتها لمجموعة من الكتاب والشعراء والمبدعين القصريين، فهي إنما تعمل على ولوج ذلك الجزء من المكان الواقعي للمدينة، بعد مروره في منطقة التخييل الشعري أو الروائي أو القصصي، ليعود وينبثق في محافل القراءة الفردية والجماعية، وقد اكتسب أبعادا جديدة لاتخصه وحده كمكان فيزيقي جامد، بل كمكان يعج بالخصائص النفسية والعقلية والاقتصادية والسياسية والدينية، المميزة لوضع حياتي محدد، في مكان وزمان محددين، ويتعلق الأمر هنا بمدينة القصر الكبير في النصف الأخير من القرن المنصرم، وفي بداية القرن الواحد والعشرين .
تبرز الحوارات المتعددة مع المشتغلين في الشعر والسرد، أن المدينة ليست أيقونة ثابتة ومكتملة التشكل، فهي بقدر ما تخضع لحركة التاريخ، التي تطال الشخوص والمباني وأساليب العيش والحلم، فإنها كذلك تتحرك على مسار الحياة، كأي كائن حي، ولذلك فهي تظهر متطابقة مع صورتها الأخرى، مع غيريتها المكتوية شعرا أو سردا، المتعالية على المدينة الواقعية بما يحقق حلم الكتابة بمدينة أروع وأسمى، أو على عكس ذلك، المتقهقرة أسفل الدرك الحقيقي لمدينة القصر الكبير، بما يحقق كابوس الكتابة وخوفها على المدينة من احتمال الانحدار والتدحرج إلى الأسفل. (7 )
وبصدور المؤلف الورقي الأول للكاتبة أسماء التمالح كتب الصحفي عبد الله بديع :
وقد ســـررتُ بـإخــراج هذا الكتاب الحواري، الذي يشكل إضافة نوعية إلى المكتبة / الخزانة المغربية؛ بالنظر إلى أن هذا النمط من الأعمال ينطوي على قيمة معرفية مهمة، إذ لا يخفى على المتتبع للشأن الثقافي والفكري والأدبي أن الحوارات واللقاءات الصحافية التي يجريها رجال الإعلام والصحافة أو مهتمون بالأدب وباحثون مع الأدباء والكتّاب والمبدعين في مختلف المناسبات والسياقات والمقامات تكتسي قيمة أدبية وعلمية ومعرفية كبيرة. وتكمن هذه الأهمية في ما تقدّمه تلك الحوارات، من جهة أولى، من مفاتيح ضرورية وأساسية صالحة للقارئ والباحث من أجل ولوج عوالم التجربة الأدبية للضيف المحاوَر وفتح مغاليق النصوص التي ينتجها، وفي ما تتيحه هذه الحوارات من جهة ثانية أيضا للمحاوِر والمحاوَر من فرص وإمكانات للتواصل وبسط المواقف والآراء التي يؤمنون بها والتأمل في قضايا وموضوعات تشغل اهتمام المتتبعين والقراء. (8)
ومما نقرأ على ظهر غلاف كتاب ” مكاشفات في الأدب والفن والإعلام” في تقديم الأستاذ الدكتور مصطفى يعلى :
وهاهي هنا، بإصدار هذا الكتاب النوعي (مكاشفات في الأدب والفن والإعلام)، تسجل علامة فارقة في مسارها الإعلامي التفاعلي، فتقيم الدليل على مدى جديتها، وبلورة تجربتها الإعلامية، وتطوير نشاطها الثقافي، حيث سعت إلى محاولة الجمع بين ما هو إلكتروني وما هو ورقي. على أنه يمكن موضعة كتابها هذا ضمن موجة محتشمة من الإصدارت الحوارية المماثلة، التي برزت بالمغرب في الآونة الأخيرة.
لقد تمكنت التمالح من خلال هذه المكاشفات، بما طرحته من أسئلة استبطانية ذكية رغم موضوعيتها، أن تستدرج المحاورين إلى البوح بما لذواتهم من صلة بإبداعهم وكتاباتهم، وتسليط الضوء على كثير من تفاصيل تجاربهم، واستجلاء أذواقهم ومفاهيمهم ومواقفهم، وهو ما يزيد في توضيح إنتاجهم وكشف أبعاده وأسراره أمام المتلقي. (9)
كانت هذه باختصار شديد شذرات من التجربة الإبداعية للكاتبة والمدونة الإعلامية أسماء التمالح إبنة مدينة القصر الكبير، هذه المدينة التي ما زالت تنجب وتعطي أبناء ترفع لهم القبعة في ميادين مختلفة.
المراجع: