استيقظ أهالي منطقة آل سريف بضواحي مدينة القصر الكبير بإقليم العرائش في رابع أيام عيد الأضحى المبارك الأربعاء 13 يوليوز على دوي كارثة حقيقية بكل المقاييس، حيث اندلعت ألسنة النيران بالفضاء الغابوي بالمنطقة، والتهمت جل المحاصيل الزراعية وأتت على الأخضر واليابس دون أن ترحم دارا أو متاعا أو شجرا أو دابة أو ماشية ولا حتى بشرا، إذ عُلم أن روحا بشرية قد أُزهقت بالمكان بسبب التيران الكثيفة المشتعلة التي أفحمت جسد رجل.
مداشر ودواوير كثيرة اختفت وصارت في خبر كان، أملاك الناس بجماعة بوجديان، سوق القلة، تطفت، أُهلكت في رمشة عين وأصبح الجميع فقيرا معدما إلا من رحمة الله تعالى. إجلاء الناس من أماكن الحريق من طرف السلطات كان واجبا حتميا، ونزوح المتضررين وتوجههم إلى مدينة القصر الكبير كان هو الحل الأمثل في ظل الخطر المحدق بحياتهم.
مبادرات إنسانية كثيرة سجلها أبناء مدينة القصر الكبير العريقة إلى جانب تدخل السلطات بكافة تلاوينها، وهذا من شيم القصراويين النبلاء، حيث سارعوا لتجنيد أنفسهم لمد يد العون لإخوانهم المتضررين من الحرائق بأن فتحوا بيوتهم وجعلوها تحت تصرفهم أكلا وشربا وملبسا، وتحركوا بسياراتهم نحو المداشر والدواوير لحمل المنكوبين إلى القصر الكبير وتقديم الغذاء والماء لمن رفض ترك محل سكناه وقرر البقاء هناك لأسباب هو أدرى بها .
حرائق إقليم العرائش قلبت فرحة العيد إلى حزن عميق والعيون تشاهد عن كثب كيف تحولت الطبيعة الخضراء إلى سواد يلهب القلوب حسرة وألما على ما ضاع وأُهلك، فدمعت العيون لنفوق حيوانات ودواجن كُتب عليها أن تموت محروقة، وبكت أنفس على أصوات تصرخ بأنها لم يعد معها شيء.
من يعوض ضحايا حرائق إقليم العرائش وغيرهم في هذه الظرفية الصعبة التي تشهد ارتفاعا صارخا في الأسعار ؟ من يوفر لهم مساكن وغذاء وكلأ لماشيتهم التي نجت من الحريق بمشيئة إلهية؟ من يحفظ كرامتهم من العراء ويصون ما تبقى من كينونتهم البشرية فيضمد جراحهم الغائرة؟ من يجمع شمل أسرهم ثانية وقد شتت جمعها الحريق ؟
من .. ومن .. ومن ؟؟ رجاؤنا كبير في رب العالمين، ومن بعده في السلطات الحكومية والجهات المعنية التي يقع عليها عبء التعويض عن الأضرار وتوفير الضروريات من مسكن ومأكل ومشرب وكسوة، إلى جانب مساعدة هؤلاء المتضررين على إعمار بيوتهم من جديد وإصلاح ما يتطلب الإصلاح.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ” كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ” . صدق الله مولاي العطيم.
* مقال أذيع على أثير الإذاعة الوطنية بالرباط بتاريخ الثلاثاء 19 يوليوز 2022 صباحا بمناسبة الحديث عن حرائق إقليم العرائش التي خلفت أضرارا كبيرة بالمنطقة خصوصا بقبيلة آل سريف ضواحي مدينة القصر الكبير.