كان يوم الخميس 14 أبريل 2022 يوما مشهودا بثانوية عبد المالك السعدي التابعة للجماعة القروية أولاد أوشيح، حيث اختلط لون السماء الأزرق الصافي بالألوان الزرقاء الناصعة التي غطت المؤسسة ، فلا يكاد الزائر للثانوية يلقي نظرة داخل المؤسسة أو بمحيطها حتى يتبين له أن اللون الطاغي هو اللون الأزرق بمختلف مشتقاته.
فقد اختار غالبية التلاميذ والتلميذات وكذا الأطر الإدارية والتربوية وهم يختتمون أيامهم التواصلية حول التربية الدامجة والاحتفال باليوم العالمي للتوحد الذي ينظمه نادي التربية على القيم والسلوك المدني بتعاون مع جمعية كرامة لإدماج الأطفال التوحديين، ارتداء اللون الأزرق وتزيين المؤسسة وفضاء المكتبة بلوحات وبالونات وأشرطة من الثوب كلها زرقاء(لكونه اللون الذي حددته منظمة التوحد العالمية لإطلاق مبادرتها – الإنارة الزرقاء – للتوعية باضطراب التوحد، وهو لون يرتاح له الأطفال التوحديية)، كتعبير من التلاميذ والعاملين بالثانوية على تضامنهم واهتمامهم بالأطفال التوحديين، ولاستقبالهم القافلة التحسيسية باضطراب طيف التوحد التي تنظمها جمعية كرامة لإدماج الأطفال التوحديين بالقصر الكبير في نسختها الثانية، والتي حطت رحالهما بالمؤسسة مساء الخميس.
وقدم أعضاء القافلة التوعوية (هشام لحلو رئيس جمعية كرامة، حمزة المراغد نائب الرئيس، ونبيل المهارزي نائب الكاتب العام للجمعية) عروضا قيمة سلطت الضوء على اضطراب طيف التوحد الذي يعاني منه عدد من الأطفال، وأنواعه، وأسبابه، وصححت عددا من المفاهيم الخاطئة عن التوحد. وبينوا للحضور مجموعة من الطرق والوسائل المساعدة للتعامل مع الأطفال التوحديين والتواصل معهم والتقرب منهم قصد إخراجهم من عزلتهم وإدماجهم في المحيط كباقي زملائهم، كما قدموا نماذج من العلماء والمفكرين الذين رغم كونهم كانوا توحديين فقد خدموا الإنسانية باكتشافاتهم وابتكاراتهم، وعرضوا بعض ما تقوم به جمعيتهم كرامة لفائدة هذه الفئة.
كما شارك بعض التلاميذ والتلميذات بمواضيع حول التوحد: فالتلميذة نهيلة الحمياني والتلميذ محمد الوافي اختارا الحديث عن التوحد باللغة الإنجليزية، والتلميذة شيماء عشاوي اختارت الحديث باللغة الفرنسية. أما التلميذات سلوى الفقير وأسماء العلاوي وإحسان العشاوي فشنفن آذان الحضور بقصائد شعرية كلها تحمل رسائل الحب والمودة والتضامن والحث للتقرب من الأطفال التوحديين. فيما اختار تلاميذ آخرون رفع أوراق عليها عبارات ورسومات تعبر عن تضامنهم ووقوفهم إلى جانب الأطفال التوحديين ( لست وحدك.. كلنا معك… أنا توحدي مختلف مثلك، جمعية كرامة لإدماج لأطفال التوحديين..).
وقد حلوا ضيوفا بهذه الأمسية الإنسانية بامتياز من القرى المجاورة الطفل الطيب محمد طه رفقة والديه، وكذلك أخت أحد الأطفال التوحديين، حيث قدموا للحضور تجاربهم مع أطفالهم الذين يحتاجون إلى مدهم بالكثير من العناية والاهتمام وخاصة بالعالم القروي الذي لا يستفيد فيه غالبية التوحديين من حقهم في التمدرس – إذ تعتبر المدرسة المكان الطبيعي الذين يمكنه المساهمة بشكل كبير في إدماج هذه الفئة بالمجتمع- وذلك لعدم قدرة الأسرة توفير مرافقة اجتماعية لإبنهم أو ابنتهم .
كما خصص أعضاء جمعية كرامة جلسة خاصة للتواصل مع الأطر الإدارية والتربوية حول موضوع التوحد. وللعلم فقد افتتحت أشغال هذه الأمسية التحسيسية بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها التلميذ سلميان قويبل، كما قدم السيد هشام الصالحي كلمة باسم الإدارة التربوية، وكذلك رئيس جمعية آباء وأمهات التلاميذ السيد أحمد كسيوي شارك بكلمة، وبدوره منسق نادي التربية على القيم والسلوك المدني محمد الشدادي قدم كلمة باسم النادي. و باسم تلاميذ وتلميذات الثانوية ألقت التلميذة يسرى الشباني كلمة. وبدوره أبوحامد الحسن حارس العام الداخلية تقدم بكلمة بالمناسبة. وختمت أشغال هذه اللقاء التحسيسي الذي أدار فقراته بكفاءة واقتدار التلميذ زكريا اهلال، بتوزيع شواهد التقدير والشكر لضيوف المؤسسة.