طواف من جديد حول الكعبة، عفوا! أقصد المدينة القديمة! أنا أتأسف على هذه البداية المبهمة، و لكن، أمري لله! أنا أعني أنني سرت طويلا برفقة أبي إلى وصولنا إلى ساحة القمرة.
هناك الأستاذ الذي لم يمر الكثير على وصوله، وجواره ولدان وبنتان (توائم!). بعد قليل تصل توبة، غفران، خولة، أخوها، إلى آخر القائمة(فهي طويلة للغاية). يطلب منا الأستاذ تشكيل دائرة، ليخبرنا خطة اجتياح المدينة العريقة، والخطة التي سنعذب بها الفنانين (الأسئلة اللامتناهية بالطبع!)، وكذلك التجنيد الإجباري الذي سنقوم به طوال اليوم (وأعني هنا الوقوف تحت الشمس التي لا تحمي إلا حين نكون خارج الظل، والمشي والمشي والمشي….)، و بالطبع علينا تقبل كل هذا بصدر رحب، والمُعارض، هو بالتأكيد شخص لا يستغل الفرص المتاحة للتعلم. حسنا، لقد التقينا بمجموعة من الفنانين الرائعين، وأغلبيتهم مهتمون بالفن التجريدي.
وقبل التعرف على الفنانة التي أثارت اهتمامي وقررت الكتابة عنها، مررنا عبر دكان خياط طاعن في السن، تكوم ظهره من كثرة عكفه على صنع ملابس للناس، يرتدي قندورة، طاقية وبلغة تقليدية صفراء. لابد من أنه لا يكسب الكثير من ممارسة هذه الحرفة؛ لذا وددت في هذه اللحظة أن أكون أحد المؤثرات المشهورات، وأعطي ذلك الرجل مليون درهم (أجل، هذه أمنيتي البسيطة!).
تاليا، بعد لقاء هذا الشيخ، نصل أخيرا إلى المكان الذي ترسم فيه سكينة عطاوي، فنانة شابة تتحدث بكل عفوية، وأنا متأكدة من أن الجميع ارتاح لها، لشخصيتها الفريدة الجريئة والغير متصنعة. لها علاقة بثلاث مدن: الصويرة(مدينتها الأصلية)، تطوان( المدينة التي تلقت دراستها الفنية بها)، و مراكش (المدينة التي تستقر بها حاليا). بعد سلسلة تحريات جنائية اتضح أنها سرقت تقنية سهيل بن عزوز (النيلي)…
أمزح بكل تأكيد! هي تحاول التعبير عن اشتياقها لبحر الصويرة، لتجده حاضرا في كل لوحاتها. أما عن جداريتها، فهي منظر طبيعي لبحر تم تصويره عبر آلة تصوير بالطبع! استعملت فيها ألوان محايدة، وبالطبع النيلي. تحاول في هذه اللوحة التعبير عما يسعدها: البحر.
هي بالمناسبة ترسم لترسم، فلا يهمها ردة فعلك اتجاه اللوحة، همها الوحيد أن تحرك بداخلك إحساسا؛ إيجابيا كان أو سلبيا. واتضح لنا أنها لم تفكر في صغرها في أن تكون فنانة في المستقبل، ولم يكن عندها فكرة واضحة عن مهنتها المستقبلية، وكانت فقط تريد أن تملك ملابس كتلك التي ترتديها ابنة خالتها، والتي تعمل مضيفة طيران. وفعلا، أحببت سماع أجوبتها الصادقة، وإنني لأحس بكونها تتفهمنا لتقارب سننا، فهي لم تتجاوز الخامسة والعشرين (هي تحس بتوترنا لأنها تقريبا أول تجربة لنا في استجواب شخصيات مهمة، وهذه أول تجربة لها في موسم أصيلة وفي رسم الجداريات عموما).
بعد هذا اللقاء الجميل يرحل الجميع للمرة الثانية بعد المليون، وأنا بت متأكدة من أنهم ينسونني، (أقصد أهلي) فهل يتعمدون ذلك أم لا، الله أعلم. في نهاية المطاف، يصحبني الأستاذ إلى بيتي. أنا حقا أفتخر بموسم مدينتي الذي يجمع فنانين من مختلف أنحاء العالم، بينهم قاسم مشترك واحد أو ربما أكثر؛ حبهم للفن التشكيلي.
- تلميذة بالثانية إعدادي.