يقولون :” اعمل خيرا وٱنسه “، ويقولون: ” خيرا تفعل شرا تلق”. أقوال تتضارب فيها الآراء، حول أهمية فعل الخير، وإلزاميته، ومردوديته، وآثاره. تختلف بين من يحض على إتيان هذا الفعل، وبين من يحذر من عواقبه، سيما إذا وقع فعل الخير هذا على أناس لا يقدرونه ولا يعطونه قيمته المطلوبة.
ارتبط وجود الإنسان في الحياة باحتياجه للآخر، فهو لن يستطيع تلبية جميع متطلباته الحياتية، التي لاتعد ولا تحصى، وهو لن يوفق في سد كل الفراغات، وإن حاول بكل جهوده، لهذا يحتاج إلى تدخلات الغير، ومساعداتهم.
قد يستدرك البعض، فيقول إن توفر المال لدى شخص، قادر على حل كل مشكلاته ومصاعبه، لكننا نقول له نعم، ولو نسبيا، إذ ليست كل المشكلات التي يواجهها الإنسان في حياته تكون ذات طابع مادي، وإن كان أغلبها كذلك.
كثيرة هي الحالات التي يجد الإنسان نفسه في غمرتها عاجزا عن تدبير فصولها، أو إيجاد حل ناجع لها، خصوصا إذا كان هذا الحل متوقفا على إنسان غيره، ولا بد من أن يقصده ليقضي له حاجته، وهذا الإنسان قد يكون من المؤمنين بالمقولة الأولى التي تفيد فعل الخير، وترك الجزاء لله رب العالمين، مع نسيان ما تم تقديمه، والبعد عن المن والرياء، وإما قد يكون من المتشبعين بالمقولة الثانية، التي ترفض تقديم أي فعل خير، على اعتبار النتيجة السيئة، التي تلحق المرء من بعد، وما هي في الأصل بسيئة، ولكن تركيز الفرد على ذاته وخدمتها، هو الذي يصور ذلك، حتى ولو سلمنا ببعض الاستثناءات التي تحدث.
إن فعل الخير هو مصدر رئيسي للسعادة النفسية، ولا يمكن أن يشعر بهذه السعادة ويتذوق طعمها سوى من قدم خيرا، في صدق وإخلاص وعفوية وسر دون منّ ومجاهرة بين الناس.
أن تحسن لضعيف، أو تتكفل بفقير، أوتنقذ حيا من موت محقق، أو تقدم شيئا بسيطا من شأنه أن يمسح دمعة ويرسم بسمة، فأنت منخرط في خانة فاعلي الخير، وليس كل الخير الذي نراه اليوم هو كذلك، خاصة إذا تلون بتلاوين السياسة المقيتة، واصطبغ بصبغة استغلال أوجه الخير الشريفة لقضاء مآرب شخصية، أوفسح المجال للانتهازية على حساب دعم الروح الإنسانية والارتقاء بها .
قال صلى الله عليه وسلم : ” (افعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئا، فإن صغيره كبير، وقليله كثير) .
























