إعداد: د .أبو الخير الناصري
سعاد الناصر أديبة عصامية لم تشغلها شؤون الحياة ومسؤولياتها عن عشقها الكبير للقراءة والكتابة. أخلصت للعلم وأعطته جُلّها، فجاد عليها بأعمال كثيرة في أجناس تعبيرية عديدة شعرا، وقصة، ورواية، ومقالة، ونقدا، وتحقيقا، ودراسة.
من الأعمال الأخيرة لصاحبة “بوح الأنوثة” و”إيقاعات في قلب الزمن” روايتها “كأنها ظلة” الصادرة عن منشورات مكتبة سلمى الثقافية بتطوان. وحول هذه الرواية وتصور صاحبتها للكتابة كانت هذه الدردشة:
سؤال: ماذا تمثل لك الكتابة الإبداعية؟ وهل من وصف لعلاقتك بها؟
جواب: الكتابة الإبداعية بالنسبة لي هي مغامرة الخوض في المستحيل لتجلية كينونة الذات وموقفها من العالم. وهي أيضا انشغالاتٌ يومية بالعبء الذاتي والكوني من أجل تحمل الأمانة الربانية.
أومن أن الكتابة ليست ترفا، وإنما هي محضن الأسئلة الوجودية والجمالية التي يسعى المبدع إلى إثارتها في مختلف نصوصه، وإلا كانت فارغة لا حياة فيها.
علاقتي بالكتابة تشبه إلى حد كبير الحُلمَ الذي يَكبر داخلنا..كلما حققنا جزءا منه تتقد الرغبة في المزيد.
أما علاقتي بالرواية تحديدا فكانت منذ البدايات الأولى علاقة شغف امتد داخلي وتفرّع.
سؤال: انطلاقا من تجاربك الشخصية في دنيا الكتابة، هل تُجدي شيئا ورشاتُ التكوين في الكتابة الإبداعية عامة والروائية خاصة؟
جواب: يتعلم الروائي أشياء كثيرة أثناء كتابته لروايته تكون أحيانا غائبة عنه أو لا يعيرها اهتماما منها أن ورشات التكوين في الكتابة الإبداعية (والروائية خاصة) قد لا تُجدي نفعا في أمور مثل بناء الشخصيات، والحبكة السردية، والتنقل الزمني، وتطور الأحداث وتناميها..ما لم يكن الكاتب مدمنا على القراءة، ومدمنا على الكتابة أيضا؛ لأن الكتابة ليست موهبة فقط، ولكنها صنعة تتطور بصبر وممارسة متواصلة..أيضا أدركتُ أنها منهج حياة بأكملها يخطها الروائي من عُصارة تجربته وعلاقاته ويُصرّف فيها العديد من مواقفه تُجاه مختلف القضايا يوزعها على شخصياته؛ لذا تجد في كل شخصية جزءا من الكاتب سلبا أو إيجابا.
سؤال: هل لك أن تحدثينا باقتضاب عن أبرز مضامين “كأنها ظلة” وتقنيات الكتابة فيها؟
جواب: هذه الرواية تحكي عن شخصية الأستاذ الذي بدلا من أن يكون في قاعات التدريس وجد نفسه في السجن، مع ما صاحب ذلك من أحداث وتفاعلات هي جزء من ذاكرتنا وهويتنا، وما أفرزه هذا الحدث من تداعيات مختلفة واستدعاءات متماثلة من اللحظات الآتية لتتوغل نحو الماضي القريب أو البعيد، فهي تلامس في بعض قضاياها التي تعالجها أهم قضية تعانيها الشعوب العربية، وهي غياب الحريات والعدالة الاجتماعية والسياسية، وذلك من خلال شخصيات تُقدَّم نماذجَ ثابتة على مجموعة من القيم، وأخرى متنامية ومتحررة حسب الأحداث والوقائع، ومن خلال مكونات الرواية التي تكشف طريقة صياغتها عن دلالات متورطة في بناء كون مفعم بالدهشة والهزيمة والتحدي والكثير من الحب.
وبما أن أهم ما في الرواية هو الصيغة التي تُحكى بها فإنني حاولت أن أشتغل على اللغة لحياكة عالم إنساني وما يتضمنه من رؤى ومواقف تشتمل على الواقعي والتاريخي والأسطوري والحلمي، كما حاولت أن أشتغل برصد تفاصيل تتوزع بين اليومي والمسكوت عنه من جهة، والإبحار في ممكنات التخييل من جهة أخرى.
سؤال: ما أهم ما راهنت عليه في روايتك “كأنها ظلة”؟
جواب: بالنسبة لرواية “كأنها ظلة” بحثت فيها عن نص يكون بداية التعبير عن شغفي اللامنتهي بهذا الجنس الروائي..عن نص يستغرق التجربة التي راكمتها في مختلف الأجناس الإبداعية.
أردت لهذه الرواية أن تأتي مختلفة وفريدة ومتحررة أيضا. راهنت على الاختلاف لكي لا أسقط في تكرار ما بُحْتُ به في الشعر والقصة القصيرة..وراهنت على التفرد حيث حاولت ألا أضع في الرواية إلا ما عايشت معانيه وما يشع في السياق من دلالات تلائم الحال والمقام ومن أبعاد تأملية فكريا وجماليا تتفاعل مع الحياة وتؤسس لوعي يستبطن النفس الإنسانية..وراهنت على التحرر بما أنه فعل انعتاقي استشرافي وتبصُّري وتجاوزٌ مستمر لما هو كائن. وأرجو أن أكون قد حققت ذلك في هذا النص الروائي.