تأخذنا العزة بالنفس ونرفض كل جميل يمتلكه الغير، نتصيد الأخطاء ونترصد الهفوات بغية تضخيمها وتكبير حجمها تيسيرا لمأمورية النيل من الشخص الذي لايروق ذوقنا العام أو بالأحرى يروقه جدا إنما لا نريد الاقرار بذلك ارضاء لسلطة الأنا .
ّّحلال علينا حرام عليهمّ قاعدة يتبناها كل خبيث نفس يبيح لذاته ما يراه مستهجنا قبيحا في الآخر، سلوك ينم عن خلل قي توازن شخصية فرد لا يقبل بشيء متوفر في غيره وفي ذات الوقت هو يطمح إلى إتيان مثيله بكل السبل .
قد يكون الفعل محور الإنتقاد أحيانا تافها للغاية ولايستحق كل الضجة التي أثارها والإهتمام الذي منح له، لباس أنيق مثلا ارتدته واحدة أو واحد فزاده جاذبية وحسنا من شدة إعجابنا ولعدم قبولنا يأن يكون غيرنا الأجمل والأفضل نتحين الفرص لخلق أي مشكل، نصنع متنفسا يعبر عما يؤرقنا داخليا، ولا نرتاح إلا وقد صببنا ألوان الذم والتحقير والسخط على الشخص قبل الشيء محل النقد، قبل أن نأتي إلى تقليد ما انتقدناه سابقا وربما أضفنا إليه ما هو أبشع تأكيدا لمقولة: ّ حلال علينا حرام عليهم ” .
إنه الفعل ذاته والسلوك عينه إلا أنه حينما ينجم عنا نكسبه طابع الإباحة والجواز، وحينما يصدر عن غيرنا تقوم القيامة ونستنكر ونستخف ونعلق ونغتاب وننمم ونتغامز و … الخ .
هو الحلال .. إن كان حلالا فعلينا جميعا وإن كان حراما فهو محرم على الجميع كذلك من دون استثناءات أو تفضيلات أو امتيازات نجتهد في خلقها أيما اجتهاد بغرض شد الإنتباه إلى أننا الأفضل والحقيقة ألا أحد يبلغ درجة الأفضلية مادام لكل امرئ أخطاء وعيوب وعثرات .
إجتناب ارتكاب ما يقبل عليه الآخرون مما لا يرضينا من تصرفات وقرارات وأقوال وأفعال، والتمسك بما هو حل لنا من غير تضييق أو مزايدة أو توسع في إعطاء الصلاحيات هو السبيل الأنجع لتكسير قاعدة ّ حلال علينا حرام عليهمّ التي لم يجن من ورائها الناس سوى المتاعب وسوء التنظيم واختلالات في ميزان تكافئ الفرص والمساواة والعدل وترسيخ مبادئ الحق السامية .. فلنكن موضوعيين عقلانيين لا هوائيين أنانيين نسارع إلى تدبير الحياة وتسييرها على هوانا ومزاجنا .