بركان ونواحيها بين الماضي والحاضر
تعرفت على مدينة بركان ونواحيها في سنة 1972. عندما استضافني صديقي الدكتور محمد بن الصغير Mohamed Bensghir ، وتجولت معه في وجدة والسعيدية وبركان وكثير من القرى. في هذه الرحلة سمعت لأول مرة بأسماء قرى لم ألق لها بالا، ولكن عرفت فيما بعد أنها أكثر عطاء وجمالا! منها قرية عين الرݣادة، والتي كتب لها أن يشتهر اسمها خارج المغرب كنوع من موسيقى ورثها الشباب عن الشيوخ؛ كانت في الحقيقة رقصة مموسقة يختم بها المجاهدون كل حملة لهم على بؤر الاستعمار الطامع في أراضي بني يزناسن، وبمناسبة عودتهم سالمين غانمين يفرحون ويؤدون هذه الرقصة التي تتميز بضرب الأرض بأرجلهم كرمز لتعلقهم بها.
.
ومن القرى التي تعرفت عليها أيضا قرية وادي زكزل.لم أعرها كبير اهتمام إلى أن عرفت أنها المنتج الأول في المغرب لفاكهة الزعرور، والذي نسميه في عاميتنا بالمزاح. ولم يكن اختيار السي محمد العتروس للزعرور كشعار للقاء شبابي اعتباطا، كان لي شرف حضور ذلك اللقاء برفقة كبيرنا قدرا السي أحمد بوزفور Ahmed Bouzfour
إن إقليم بركان لا يعرف بالكليمانتين فحسب، بل لفاكهة أخرى حضور، إنها حبات الزعرور، وهو عندنا بالمزاح مذكور.
لا بأس أن نتوقف قليلا عند سبب تسمية الزعرور بالمزاح، وسأستعين ببعض المعلومات من صفحة صديقي السي عبد السلام أمغار Abdessalam Amghar ، مع بعض التصرف والاختصار:
………
تسمى بالفرنسية La nefle
وفي تونس .بوصاع
وفي الجزائر. بوعظيمة
وفي المغرب …المزاح
أطلق هذا الاسم السلطان محمد بن عبد الرحمان، ذلك أن ابنه مولاي العباس قاد الحرب التي جرت بين المغرب وفرنسا بسبب الجزائر، التي كان المقاومون الجزائريون يجدون في شرق المغرب ملاذا آمنا، وقد توفرت لهم قاعدة خلفية يستعملونها في الكر والفر ؛ وانتهت المواجهة مع فرنسا بهزيمة المغرب في وقعة إسلي الشهيرة، وبعد الهزيمة، حمل معه مولاي العباس في عودته إلى فاس بعض الشتلات من هذه الشجرة التي لم تكن معروفة في غير المغرب الشرقي، فغرسها في قصره بفاس، وبعد مدة زاره السلطان، فأراه الأمير تلك الشجرة وما أثمرته وأخبره أنه جاء بها من شرق المغرب بعد المعركة المذكورة، فاستحضر سيدي محمد تلك الموقعة وهزيمة المغرب وما أصاب حدود الوطن من جرائها، فكان جواب السلطان البديهي:”المـزاح هذا !” أي حبّذا لو رجعنا بالنصر، أما أن ننهزم ونغنم بعض الشجيرات فما هو إلا من قبل أخذ المسائل الجدية باللّعب….وباب من أبواب المزاح .
وهكذا بقيت كلمة المزاح عنوانا لهذه الثمرة التي ترمز في نظر السلطان للهزيمة المنكرة.]
انتهى حكي السي عبد السلام ، وسأكتفي اليوم بهذا الكلام، وسأحدثكم لاحقا عن وجوه أخرى من بركان، منها ما ذهب بعد أن كان، ومنها ما هو مازال في عين المكان، وإلى اللقاء في أقرب الأوان.