قامت مؤخرا مجموعة من الأساتذة والباحثين والجمعويين بإنجاز ” نبذة تاريخية عن مدينة القصر الكبير “ جاء فيها : ” يعتبر القصر الكبير من الحواضر الأولى في المغرب التي لا زالت قائمة ، أطلق عليها الرومان اسم ( أوبيدوم نوفوم – oppidum novum ) أي القلعة أو الحصن الجديد ، وذلك حماية للطريق الداخلي الذي كان يربط بين طنجة ووليلي … “
وهذا يتطلب بعض التدقيق :
* إن الرومان لم يطلقوا اسم ( أوبيدوم نوفوم ) على القصر الكبير التي لم تكن قد وجدت بعد ، ولكنهم أطلقوها كما جاء في النبذة التاريخية تحديدا على قلعتهم أو حصنهم العسكري . أما مدينة القصر الكبير فقد أنشئت بعد أن درست تلك القلعة وامحت آثارها .
* إضافة إلى حماية الطريق التجاري بين طنجة ووليلي ، كانت الجيوش الرومانية الغازية تتحصن في ( أوبيدوم نوفوم ) حماية للأراضي الفلاحية المنزوعة بالقوة الاستعمارية من السكان الأصليين الضاربة جذورهم في العمق التاريخي لهذا البلد الذي يحمل اليوم اسم المغرب ، واحتماء فيها أي القلعة من الهجمات المتكررة التي كان السكان الأصلاء يشنونها في محاولات متكررة منهم لطرد الرومان.
اذ ًا ، ليس هناك من مبرر لاطلاق اسم استعماري على مدينة قاومت – على امتداد تاريخها – المستعمرين , وما يزال في عروق كثير من أبنائها لهب متأجج لمقاومة المستغلين الجدد ورثة الاستعمار القديم .
إن إطلاق التسمية الرومانية ( أوبيدوم نوفوم ) على مدينة القصر الكبير هو تمجد بمجد زائف , لأن الرومان كانوا غزاة مستعمرين , و – ثانيا – لأن الله قد قطع دابرهم فلم تبق منهم في القصر الكبير سوى نقيشتين بصومعة الجامع الكبير لا تسمنان ولا تغنيان , و لأن – ثالثا – للقصريين بكل مكوناتهم وعناصرهم ما يغنيهم عن الاكتساء بأمجاد يلتقطونها من مزبلة التاريخ .. فقد استطاعت القصر الكبير بعلمائها وفقهائها ومجاهديها ومثقفيها ومبدعيها أن تنقش اسمها في التاريخ ويكفي دليلا على ذلك أن الاسم التاريخي الذي يسمي به البرتغاليون معركة وادي المخازن هو ” معركة القصر الكبير ” ..
ان اعتزازي بالقصر الكبير لا يعادله سوى ألمي وامتعاضي لما هي عليه اليوم.. فواقعها الحالي دليل قاطع ساطع على انعدام الحسين الوطني والحضاري عند أولي الأمر .. وإني لآمل أن يراجع مثقفو المدينة قناعتهم حول التسمية الاستعمارية : ( أوبيدوم نوفوم ) .