أسماء التمالح
أشرفت شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب والمقهى الثقافي Le saphir palace على تنظيم لقاء ثقافي مع الكاتب والمبدع د . مصطفى يعلى، أدار أشغاله د. محمد خيوط، وذلك عصر يوم الجمعة 28 يناير 2022 بفضاء مقهى Le saphir palace بحي بير الرامي الشرقية بمدينة القنيطرة.
حضر هذا اللقاء الثقافي عدد من المثقفين، وقد استهله د. محمد خيوط بالترحيب بالحاضرين، وشكر الجهتين المنظمتين، وقدم خطوطا عريضة عن حياة المحتفى به، وتكوينه وعمله وإنتاجه القصصي والبحثي.
بعد ذلك، طلب د . خيوط من الأستاذ عزيز ابردان، أن يتكرم بتشنيف أسماع الحاضرين ببعض الموسيقى والموشحات والأغاني التي تخللت اللقاء، وصاحبتها أنغام العود والقانون. ثم أعطى د . خيوط الكلمة للدكتور مصطفى يعلى، مقترحا عليه أن يتحدث عن أي موضوع يختاره. وهكذا تحدث د. يعلى عن (أدب الأوبئة)، مستندا إلى ما تحقق من تراكم إبداعي حول الموضوع. لكنه ركز على ثلاثة أعمال هي:
1) مجموعة (ديكاميرون) لبوكاشيو، عن طاعون فلورنسا، في القرن الرابع عشر الميلادي
حيث رسم مؤلفها صورة مأساوية حزينة لمدينة فلورنسا، التي خربها الطاعون. وأشار د. يعلى إلى أن بنية ديكاميرون مستلهمة من بناء ألف ليلة وليلة، كما أنها وضعت اللبنة الأولى في نمو القصة القصيرة الحديثة.
2) قصة (قناع الموت الأحمر)، لإدجار آلان بو
قدمت مآسي الناس بإحدى الإقطاعيات، نتيجة جائحة الموت الأحمر (الطاعون)، بينما تحصن حاكمها بروسبيرو وحاشيته في دير حصين، للترفيه عن أنفسهم بالمآكل والأشربة والموسيقى والرقص والغناء. وقد تفنن كاتبها في وصف الحجرات المهيبة القوطية، وتوقف عند الحجرة السابعة السوداء المرعبة، التي شبهها د. يعلى برعب الحكاية العجيبة بغيلانها وعفاريتها. وفعلا خرج منها راقص مقنع اختلط بالراقصين، ولم يكن في حقيقته سوى الموت الحتمي، الذي فتك بالحاكم وكل حاشيته.
3) رواية (العمى) لخوسي ساراماغو صاحب جائزة نوبل
لا تقوم على وباء حقيقي، بل لقد تخيل الروائي إصابة كل سكان المدينة بوباء العمى. وتوغلت روايته في رصد أحداث الحجر، داخل الفضاء المأساوي المغلق، بعد أن رمت الحكومة بالمصابين في مستشفى للأمراض العقلية مهجور، حيث اختفت القيم، وساد الرعب والاعتداء والجوع والقذارة. كما تابعت الرواية الواقع الإنساني المختل في المدينة، بعد تسلل مجموعة عميان متضامنون إلى المدينة. والوباء في هذه الرواية مجازي، في نظر د. يعلى، وظيفته تعرية خلل الواقع، وبث الوعي بحقائقه، وضرورة نبذ العمى اليومي اتجاهها، لتجديد الحياة الإنسانية بصورة لائقة بالبشرية.
تم فتح باب المناقشة، فأثيرت كثير من الأسئلة، مقرونة بالتعبير عن المحبة التي كنها أصحابها للدكتور مصطفى يعلى. وقد دارت الأسئلة عن الكتابة المتسرعة حول جائحة كورونا، وعن توظيف مكونات الحكاية الشعبية في الرواية والقصة القصيرة، وعن الحكاية الشعبية بين المحلية والعالمية. وقد أجاب عنها المحتفى به، موضحا مجموعة من القضايا والمظاهر التي أثارتها الأسئلة الرصينة.
في الختام، قُدمت للدكتور مصطفى يعلى هدايا رمزية، تمثلت في باقة ورد جميلة من طرف الأساتذة والدكاترة من طلبته السابقين. وشهادة تقديرية سلمتها له نائبة رئيس شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب، بينما أهداه حميد الراوي بورتريه نصفي جميل .
انتهى اللقاء بتوقيع الدكتور مصطفى يعلى لكتابه (ظاهرة المحلية في السرد المغربي)، ثم أخذت معه صور تذكارية ثنائية وجماعية.