صدر كتاب ” مائة حكاية وحكاية من أصيلا ” ( الجزء الأول ) لمؤلفه الفنان المبدع محمد الأمين المليحي في غشت عام 2013 م، عن مطبعة سليكي أخوين بطنجة، وضمن منشورات جمعية ابن خلدون للبحث التاريخي والاجتماعي بأصيلا. فيما يعود تصميم غلاف الكتاب لمؤلفه الفنان محمد الأمين المليحي .
يعد كتاب ” مائة حكاية وحكاية من أصيلا “ عملا تاريخيا وتربويا متميزا، ارتكز على أساس تجميع ذخائر مكنونات الحكايات الشعبية التي توارثها رجال ونساء مدينة أصيلا، صاغها المرلف محمد الأمين المليحي بأسلوب سردي شيق وفريد، حيث شكلت هذه الحكايات الشعبية مدرسة قائمة الذات كان لها إسهام كبير في رسم معالم المرجعيات الثقافية الرئيسية التي ظلت مصدرا للنهل وللارتواء لمختلف الأجيال المتعاقبة لنخب مدينة أصيلا .
في هذا الكتاب، يتعرف القارىء على جانب إبداعي آخر لدى المؤلف محمد الأمين المليحي الذي اشتهر بكونه فنانا تشكيليا مارس التشكيل إبداعا وتدريسا قبل أن يكتتشف مبدعا في الكتابة السردية القصصية أو ما يعرف بالحكاية التراثية ذات العمق التاريخي الجلي واللغة التعبيرية الانسيابية والأفق التربوي الشاسع.
يتحدث الفنان المبدع محمد الأمين المليحي عن شغفه بالحكايات الشعبية ويقول : ” قررت أن أدون رصيدي منها بخط مغربي أصيل في كناش كبير الحجم يستحيل أن يضيع بين الكتب، وأن أتركه رهن إشارة أهل الدار وخاصة أبنائي للاستمتاع بمحتوياته والنهل منه عند الحاجة، فشعرت بلذة الكتابة وشملتني عدواها وصرت أبحث عما أكتب “.
وعن البعد التاريخي والتربوي والمعرفي والاجتماعي والثقافي للكتاب، كتب الباحث أسامة الزكاري ومعه مصطفى زيان على ظهر غلاف كتاب ” مائة حكاية وحكاية من أصيلا” ما يلي : ” معلوم أن متون السرد غير المدون تحمل في عمقها الكثير من القيم الرمزية التي تؤطر حياة أفراد المجتمع وتحدد سقف نظيمة الفعل والمبادرة والتفكير لدى هؤلاء الأفراد، كما أنها تسهم في رسم حدود الإطار الأخلاقي العام الذي يحتكم إليه المجتمع، خارج الضوابط القانونية الرسمية والأعراف المدونة المتداولة. هي إذن ” مدونة” للسلوك وللفعل تسعى إلى تأطير أفراد المجتمع وإلى ضبط مختلف أوجه العلاقات القائمة / أو الممكنة بينهم، في سياق عام يهدف إلى تعزيز الأبعاد الهوياتية المشتركة للأفراد”.
يتابع أسامة الزكاري ومصطفى زيان : ” إن الحكاية الشعبية أو ما يعرف لدى العامة من المغاربة ب ” الخرافة ” – بخاء ساكنة – تعد من أهم مصادر التراث الشعبي والتاريخ الشفهي، لما تحتويه من قيم تربوية وثقافية وتاريخية واجتماعية ومعرفية. وهذه الحكاية التي تخصصت الجدات في سردها لأحفادهن وأبدعن فيها، تترك لدى المستمع، وخاصة الطفل، أثرا إيجابيا على المستوى النفسي والوجداني، وتسهم في تكوين ثقافته وإغناء خياله وصقل مواهبه اللغوية والمعرفية”.
في زمن العولمة وشيوع وسائل التكنولوجيا الترفيهية المتطورة وانعكاساتها السلبية على الهوية ومكنوناتها الحضارية والثقافية، صدر كتاب ” مائة حكاية وحكاية من أصيلا” للمؤلف المبدع محمد الأمين المليحي، ليحمي التراث والحكاية الشعبية من الاندثار، وليضع بين يدي القارىء المتعطش لكل ما له علاقة وارتباط بالهوية الشخصية والحضور المتميز للتراث الشعبي المتداول مائة حكاية وحكاية استقاها من روح المجتمع وعمقه وجوهره الذي يأبى الضياع، ويرفض أن تحجبه ثقافات أخرى دخيلة تركنه على الهامش.