مشاريع ضيعها السياسيون على القصرالكبير / بقلم : محمد الموذن
كثيرة هي المشاريع التنموية والثقافية والاجتماعية والرياضية التي ضاعت من مدينة القصر الكبير بسبب تهاون بعض المسئولين من السياسيين في الجماعة الحضرية، أو من جراء تذبذب مواقفهم وتوجساتهم السياسية، وحساباتهم البرجماتية الضيقة، وبعض تلك المشاريع كان قائما فهدمتها معارك الأغلبية والمعارضة على حد سواء، من أجل كسب المواقع على الخريطة الانتخابية، والتقدم أميالا على رقعة الشطرنج، لرفع راية انتصار هذا الحزب أو ذاك، والحرب سجال، يوم لك ، ويوم عليك، وفي جميع الأحوال تضيع مصالح المدينةـ ويختل ميزان الديمقراطية. مشاريع ضائعة يطول الحديث عنها، لكنني أكتفي بالإشارة إلى بعضها، التي كنت شاهدا عليها، أو عشت بعض أطوارها.
على هامش حرب المواقف بين قوى الأغلبية والمعارضة شكل السيد رئيس المجلس البلدي الائتلافي لجنة مختلطة بين أعضاء المجلس وآخرين من المجتمع المدني ( ذ محمد أبو الوفاء ـ السيد الخليل البوزيدي ـ ذ محمد الموذن ـ الفقيه ذ أحمد الجباري ـ ذ م ب)، وقد انتقلت اللجنة إلى مدينة الرباط في زيارة عمل بتاريخ لا أتذكره مع الأسف، وقد اجتمعت بثلاثة وزراء، وزير الشبيبة والرياضة، ووزير الأوقاف والشئون الإسلامية، ووزير الثقافة، واقتضى تواضع رئيس المجلس ورؤياه أن يكون عبد ربه هو المتحدث باسم اللجنة، وأن يكون الأستاذ محمد أبو الوفاء مقررا لها، وعند انتهاء الحوار، وإقفال محضر الاجتماع يسمح لجميع الأعضاء الحديث على هامش اللقاء.
مشروع إعادة هيكلة وتأهيل شارع محمد الخامس:
اجتمعت اللجنة بالسيد عبد الكبير العلوي المدغري، وزير الأوقاف والشئون الإسلامية، وألفيناه رجلا فاضلا، يقدر أهل القصر الكبير، ويجل فقهاءهم وعلماءهم، ويحترم شيوخهم وعامتهم، ويترحم على موتاهم، وخاصة شهدائهم في معركة وادي المخازن، وتم الاتفاق على إعادة هيكلة وتأهيل شارع محمد الخامس، ابتداء من مقهى غرناطة إلى غاية ساحة سيدي بواحمد، وذلك بهدم ضفتي الشارع، وإنشاء بنايات جديدة من ثلاث طوابق للسكن، وطابق أرضي للمحلات التجارية والخدمات، شراكة بين المجلس ووزارة الأوقاف، تقسم عوائد الإيجار على الطرفين بالتساوي، رغم أن العقار في ملكية الأحباس، كما تم الاتفاق على بناء خزانة عامة للكتب، وقاعة للمحاضرات والعروض التشكيلية، ومتحف للمدينة يبنى على أنقاض دار الطالب بساحة المسجد السعيد، على أن يساهم المجلس البلدي بتوفير قطعة أرضية تخصص مقبرة بديلة لمقبرة مولاي علي أبي غالب، وخلص الاتفاق إجرائيا إلى أن يتم الاجتماع بعد شهر واحد بمدينة القصر الكبير، لدراسة تصور المجلس والوزارة لبنود الشراكة، على أن ينظم حفل التوقيع بالرباط، وعند الموعد المحدد سلفا زارت القصر الكبير لجنة عن وزارة الأوقاف، فاصطدمت بحاجز الإهمال واللامبالاة، وجدت رئيس المجلس غائبا في مهمة بالبرلمان، أما نواب الرئيس وباقي الأعضاء، فقد صرحوا لوفد الوزارة أن لا علم لهم بهذا المشروع أو الاتفاق، فعاد وفد الوزارة خالي الوفاض، مندهشا ومستغربا من واقع الحال، وهكذا ضاعت على المدينة مشاريع مهمة، أقبرت قبل أن تولد في مقبرة اللامبالاة والإهمال.
مشروع الحلبة المطاطية لألعاب القوى، وتعشيب الملعب البلدي:
وببهو وزارة الشبيبة والرياضة اجتمع أعضاء اللجنة مع السيد الوزير الذي كان مسئولا في حواره، سخيا في عطائه، فقد واعد بإحداث حلبة مطاطية بأرض يصطلح على تسميتها بالمركب الرياضي، الكائن قبالة محطة القطار، استجابة لطلب اللجنة، ومواكبة لنتائج جمعية نهضة لكوس لألعاب القوى الجيدة، أما بالنسب للعشب الطبيعي فهو من اختصاص الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وتعهد سيادته بأن يحيل الملف على الجامعة، ويستثمر صلاحيته ووصاية وزارته على الجامعة من أجل إنجاز المشروع في أقرب الآجال، وكان وفيا لوعوده، ففي شهر يوليوز من نفس السنة حلت بمدينة القصر الكبير لجنة وزارية تقنية، لمعاينة المكان، وقياسه لإنجاز المشروع، لكنها كسابقتها اصطدمت بواقع مرير صادم، أخبرها المجلس البلدي بأن المركب الذي كان مفترضا أن تحدث به حلبة لألعاب القوى حوله المجلس إلى تجزئة سكنية، والشكر موصول إلى السيد الوزير، وعلى الدنيا العفاف، وكما يقول منطق الكسالى: وكم حاجة قضيناها بتركها، ومرة أخرى ضاعت المدينة في مشروعين رياضيين أساسيين، المدينة في حاجة إليهما حاجة العطشان للماء، والجائع للطعام.
مشروع المسرح البلدي:
تقدم المتحدث باسم اللجنة بطلب إلى السيد وزير الثقافة، مفاده أن يمنح مدينة القصر الكبير مقاعد مسرح محمد الخامس، وتجهيزاته الصوتية، بعد أن تم الاستغناء عنها، بسبب إعادة تجهيز المسرح بكراسي جديدة، وتجهيزات متطورة، فرد السيد الوزير على الطلب قائلا، بالنسبة للتجهيزات الصوتية فقد سبقتكم إليها مدينة المحمدية، وقد تسلمتها، أما الكراسي فلكم، وفي الأسبوع ذاته توصل المجلس بتلك المقاعد، وجهز بها مسرح بريس كالدوس، الذي أصبح يحمل اسم المسرح البلدي، الذي عاد له التوهج والحياة بفضل الأنشطة التربوية والثقافية التي نظمت في فضائه، طيلة ولاية المجلس الائتلافي، وبعودة المجلس الانتمائي صدر قرار إعدامه، وتشييعه إلى مقبرة الحسابات السياسية، وقضت سلطة المصالح أن يفوت عبر صفقة مشبوهة إلى الخواص، الذين بنوا على أنقاضه مساكن ومقهى لاستهلاك الكلام غير المباح.
مستشفى القصر الكبير متعدد الاختصاصات:
لقد قطع البروفيسور مصطفى العزوزي الابن البار لمدينة القصر الكبير أشواطا كثيرة من أجل إنجاز مشروع صحي كبير هبة من دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي لا زال يحتفظ بنك الإمارات ب 15 مليون دولار كغلاف لبنائه وتجهيزه، غير أن السياسيين المحليين والإقليميين وضعوا في طريق هذا المشروع الوطني الأسلاك الشائكة، والموانع والحواجز، وخوفا من أن يصبح صاحب المشروع فارسا لا يشق له غبار في حرب المواقع، ومعركة الانتخابات، تواطأ السياسيون النفعيون لإنساف هذا المشروع الطبي، ورغم كل تلك المؤامرات، والمتاعب والعقبات استطاع البروفيسور العزوزي أن يحقق هدفه النبيل ، ولو في نسخة مصغرة عن المشروع الأصلي، ومرة أخرى يصطف أعداء النجاح ضد المبادرات المتميزة، التي لا تلبس أقنعتهم، ولا تتزين بألوانهم، ولا تنتمي إلى معسكراتهم، وتنجز خارج قلاعهم ووعودهم.
وبالمقابل هناك بعض المشاريع المتيزة التي وفق السياسيون في إنجازها، نذكر منها على سبيل المثال: إحداث كلية بمدينة القصر الكبيىر (فرع جامعة عبد المالك السعدي) – القاعة المغطاة بسيدي بلعباس – تسمية بعض الشوارع بأسماء بعض المفكرين والأدباء والعلماء، والمتصوفين والمقاومين والفنانين والرياضيين – دار الثقافة….
هذا ما وددت الإشارة إليه أمانة للتاريخ، لا موالاة لهذا الكائن السياسي، ولا ضد ذلك الشبح البرجماتي، هذا بعض من كل، وصرخة بصوت عال، آمل صادقا أن يصغي إليها السياسيون بجميع أطيافهم، ومختلف ألوانهم وانتماءاتهم، وأن يغلبوا مصلحة المدينة والوطن على كل المصالح، غدا أو بعد غد سيذكرهم التاريخ، وأملنا أن يذكرهم ذكرا حسنا، والعبرة لمن يعتبر.