إنجاز : سناء حربول
– متى بدأ اهتمامكم بالكتابة النسائية؟ و ما سبب هذا الاهتمام؟
بداية لا أخفيك سرا إن أشرت لك إلى أن اهتمامي بالكتابة النسائية لم يكن وليد اليوم، بل يعود بالضبط إلى سنة 2007، وهي السنة التي شاركت فيها في فعاليات الملتقى العربي للمرأة و الكتابة في دورته السابعة الذي ينظمه اتحاد كتاب المغرب بتنسيق مع فرع أسفي. وأذكر أني شاركت في المائدة النقدية الثانية التي تحمل موضوع: الكتابة النسائية : الاختلاف و سؤال المعنى، إلى جانب الزوهرة المنصوري – نوال مصطفى – وفاء مليح – حسن اليملاحي – سعاد مسكين، وقد ترأس هذه الجلسة الكاتب حسن رياض. كما شاركت في اللقاء الذي نظمته المدرسة العليا للأساتذة بمرتيل الذي يحمل شعار دورة الكتابة النسائية” تجارب إبداعية” والذي كرم الكاتبة المغربية لطيفة لبصير.
هذه هي البداية الأولى لعلاقتي مع الكتابة النسائية، لكن هذه العلاقة سرعان ما تطورت – بعد ذلك – بعد أن شهدت هذه الكتابة إقبالا من لدن الكاتبات المغربيات وما رافقها من اتساع لمساحة الحرية والآليات التي باتت توفرها التقنية.
إلى جانب ما سلف، زاد من اهتمامي بالكتابة النسائية انضمامي إلى الفريق التربوي والعلمي لماستر الكتابة النسائية التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل ، تطوان، وهنا أحب أن أوجه تحية تقدير للدكتورة سعاد الناصر منسقة هذا الماستر على الثقة التي وضعتها على كاهلي. أما عن السبب، فيكمن في الفضول الأدبي الذي عادة ما يسكن القارئ الذي يتطلع لمعرفة ما تكتبه المرأة ومواكبة ذلك قرائيا ونقديا، وهو ما تحقق لديّ من خلال ما راكمته من قراءات متواضعة كثيرا ما قوبلت باستحسان القراء بما في ذلك الطلبة والباحثين في هذا الضرب من الكتابة.
– هل الكتابة النسائية في نظركم فعل أم رد فعل؟
الكتابة النسائية رؤيا واستشراف وفعل وجودي وإبداعي تروم من خلاله المرأة التعبير عن انشغالاتها ورؤيتها للعالم، وكذا تأكيد كينونتها التي تم تغييبها مجتمعيا ، ومقابل هذا فهي تسعى جاهدة إلى محو بعض الصور النمطية التي أنتجها الرجل من حولها، وهي صور تقلل من قيمة المرأة وأدوارها في المجتمع وقطاع الخدمات. إن هذا الفعل قد أعاد إلى الواجهة أسئلة جديدة تهم ما تكتبه المرأة في مجالات الشعر والقصة والرواية، وقد واكب هذا الفعل النقد المغربي رغم محدوديته ( حجم الدراسات التي أثيرت حول الكتابة النسائية ) ، إذ أتبث أن المرأة تكتب بشكل أفضل وهذا لا يحتاج إلى بيان.
– هل استطاعت الكتابة النسائية أن تفرض وجودها في الساحة الإبداعية المغربية؟
الكتابة وجود ، ووجود المرأة تؤكد عليه من خلال الكتابة، ولك أن تتصوري حجم النجاح الذي حققته كتابتها، وتكريمها وحصدها للعديد من الجوائز في حقول عدة هو جزء من هذا الوجود لا يمكن نكرانه أوالقفز عليه. وبالعودة إلى الساحة الإبداعية المغربية نجد أن المرأة فرضت وجودها بنجاح منقطع النظير. وفي هذا الإطار يمكن الحديث عن أمينة المريني ووداد بنموسى في الشعر، ولطيفة لبصير في القصة والنقد، وزهرة الزيراوي (رحمها الله ) في الشعر والشكيل والقصة والرواية، وسعاد الناصر في القصة والرواية والبحث العلمي، إلى غيرها من باقي الأسماء الأخرى التي أعادت إلى الواجهة كتابة المرأة من حيث التلقي والاحتفاء بها نقديا وبحثيا في الجامعات من خلال الأطاريح التي تنصب حول أعمالهن الإبداعية بكل أنواعها.
– باعتباركم ناقدا : ما السبب الذي يكمن في نظركم وراء قلة الناقدات النسائيات؟
صحيح إذا ما تأملنا المشهد النقدي المغربي، سنجد مشاركة المرأة لا ترقى إلى مستوى انتظارات القراء، و برأيي فإن مرد هذا الأمر يعود إلى أسباب ذاتية، فغالبا ما تنصرف المرأة إلى الاهتمام ببعض الأنواع للتعبير عن قضاياها وقضايا المجتمع ومقاسمة القارئ وجهة نظرها، وبهذا المعنى فاسم المرأة يحضر تقريبا في كل الأجناس الأدبية. وعلى الرغم من هذا يمكن الحديث عن تجارب رشيدة بنمسعود ولطيفة لبصير وسعاد الناصر وزهور كرام وأمينة الدهري، وجميع هذه الأسماء راكمت إنجازا كبيرا في مجال النقد بكل أنواعه القصصي والروائي والبلاغي. والمرأة المغربية ينبغي عليها الافتخار بهذه الثروة النقدية التي ما تزال تشق طريقها بإصرار خدمة للنقد المغربي وثقافته. ومن يدري ربما ظهرت أسماء أخرى في القادم من السنوات تنضاف إلى هذه الكوكبة من الناقدات المغربيات.
– هل ترون أن التيمات المميزة للنصوص الإبداعية النسائية هي تيمات تتسم بالنمطية؟
لا أظن أن التيمات التي خاضت فيها المرأة الكاتبة سرديا أو نثريا تتسم بالنمطية، فالمرأة الكاتبة تناولت موضوع المرأة وصورتها وكذا صورة الرجل والحب والحرية والهجرة والموت والمجتمع…، وهذه الموضوعات يمكن أن نجدها في هذه الكتابة أو تلك وهذا ليس بمشكلة ولا يمكن توصيفه بالنمطية، وحسب رأيي فإن التميز الحقيقي يكمن أساسا في انتقاء لغة إبداعية جادة وموحية ، وذلك للتواصل على نحو أفضل، وكذا في الطريقة التي يتم عبرها تمرير هذه الموضوعات فنيا.
والحق، هناك كاتبات بارعات يعرفن كيفية تطويع اللغة وتصريف الموضوعات المختارة، أذكر لك على سبيل الذكر لا الحصر قصص لطيفة البصير وغيرها من بعض القاصات، و يلاحظ القارئ تألق هذه الأخيرة قصصيا، وبإمكان القارئ المغربي- بكل أنواعه – العودة إلى قصصها للتأكد من صحة هذه الفرضية.
في كتابكم الأخير ” خطاب الرواية النسائية بالمغرب نماذج تحليلية ، قمتم بتضمينه قراءتكم في سيرة الكاتبة الزهرة رميج الذاتية :” الذاكرة المنسية”. فهل هذا يعتبر تصنيفا لها ضمن جنس الرواية؟ وهل ترى أن عنصر التخييل فيها يطغى على الواقعية؟
لقد أدرجت الذاكرة المنسية للزهرة رميج ضمن كتابي خطاب الرواية النسائية بالمغرب نماذج تحليلية، الصادر حديثا، ، و عمل رميج سيري، يدخل ضمن السيرة الذاتية. ولن أجازف إن أشرت إلى أن العلاقة القائمة بين السيرة والرواية هي علاقة ملتبسة وغير محسومة إلى حدود اليوم بالرغم من بعض الخصائص التي تتميز بها السيرة الذاتية عن باقي الأنواع الأخرى. وإذا سلمنا بكون السرد جنس أعلى، فإن السيرة تبقى من الأنواع السردية التي تنتمي إلى هذا الجنس. وفي هذا الإطار يمكن لنا أن أتساءل:
– هل كل الروايات تخلو من البعد الذاتي ( كل ما يهم الكاتب أو حياته)؟
وللاقتراب أكثر من هذه المشكلة التي تتميز بالتداخل، أحيلك على الخبز الخافي الذي اعتبره الكثير من الدارسين سيرة ذاتية ، فيما اعتبره البعض الآخر رواية . وما ينطبق على هذا العمل ينسحب على الكثير من الروايات المغربية.
– يفكر الدكتور حسن اليملاحي في كتابة سيرته الذاتية؟
كتبت كتابا في الرحلة، و لي رواية سترى النور قريبا إلى جانب القصة القصيرة جدا والقصة القصيرة، ومن يدري ربما فكرت غدا في كتابة سيرة ذاتية، سيما أني عشت الكثير من التحولات في حياتي وارتبطت بالكثير من الصداقات الإنسانية وسافرت إلى الكثير من البلدان الأوروبية. و هذه الثروة من شأنها أن تسعفني على كتابة سيرة ذاتية على الرغم من الصعوبات التي تكتنف هذا النوع الأدبي. وعلى العموم ينبغي على كل واحد منا أن يكتب سيرته كي نتقاسم معه جانبا من هذه السيرة .
كلمة أخيرة
أشكرك على هذا الحوار ، وأتمنى للمرأة المغربية الكاتبة المزيد من التألق، كما أتمنى أن تواكب هذه الكتابات ، كتابات نقدية موازية.