في يوم في سنة، عندما كانت الحاسة السادسة للسياسيين معطلة، أو منهكة من جراء الصراع الأبدي بين الأغلبية والمعارضة في مجلس جماعة القصر الكبير، ـ الأغلبية ترى الأشياء بنظارات وردية، والمعارضة تراها هي نفسها بنظارة سوداء قاتمة، وعند التناوب يتبادلون الكراسي والنظارات كذلك ـ، اجتمعت مؤسسة القصر الكبير للتنمية، التي يترأسها البروفيسور مصطفى العزوزي، من أجل توفير قطعة أرضية لبناء مستشفى القصر الكبير المتعدد الاختصاصات، والمجلس البلدي المحلي برئاسة الأستاذ محمد الطويل رحمه الله، بتمويل من دولة الإمارات المتحدة، ووقد تحمست جميع مكونات المجلس البلدي الاتحادي لهذا المشروع الصحي الكبير، تجسد ذلك بمنح المجلس فضاء مقبرة النصارى المتواجدة بحي بلعباس لمؤسسة القصر الكبير للتنمية ليشيد عليه هذا المستشفى الكبير، وقيل: الحمد لله.
توافدت على المكان عدة لجن إدارية وتقنية إمراتية للمعاينة ودراسة التربة، وانتهت إلى قرار تشييد مستشفى من ثلاث طوابق، (أنظر صورا تجسيدية له صحبته)، وعند حلول موعد انطلاق الأشغال به حلت بعين المكان لجنة تقنية من المهندسين لتخطيط قاعدة التصميم على الأرض، فكانت المفاجأة، ووقع ما لم يكن في الحسبان، ولم يخطر على بال مسؤول رشيد، ذلك أن مساحة الأرض الموهوبة من أجل بناء المستشفى أصبحت منقوصة، وواجهة المستشفى تحولت إلى دور سكنية، وامتعض الإمراتيون من جراء ذلك، مولوون الأدبار نحو بلادهم آسفين متأسفين، وشعر البروفيسور مصطفى العزوزي وباقي أعضاء مؤسسة القصر الكبير للتنمية بمرارة الخيبة، وأن في الأمر شيء مريبا، ونويا غير بريئة، ومخططا محبطا، وهجوما معاكسا.
دعت الضرورة والحكمة أن يطلب البروفيسور مصطفى العزوزي عقد اجتماع مع المجلس البلدي بحضور عامل الإقليم، لتوضيح ملابسات هذا الحادث الغريب، الذي تسبب في تخلي دولة الإمارات عن إنجاز المشروع، ولو إلى حين، كان عبد ربه يحضر أغلب الاجتماعات بصفته عضوا من أعضاء مؤسسة القصر الكبير للتنمية صاحبة المشروع، وبصفته مراسلا لجريدة الميثاق الوطني، وبعد كلمة رئيس مؤسسة القصر الكبير للتنمية، التي توزعت فقراتها بين استنكار ما وقع، والتوجس من فرضية ضياع المشروع، وطلب تبرير هذا السلوك المرفوض، طلب عامل الإقليم السيد ميلود بوسيف من ممثل المجلس البلدي توضيح موقف المجلس مما حدث، فبرر السيد عبد القادر الجزولي بصفته نائبا لرئيس المجلس: أن ما حدث هو ناتج عن سهو، وليس عن سوء نية، حيث أن المجلس كان قد وزع على بعض موظفي الجماعة قطعا أرضية، سارعوا إلى بنائها، أظن جميع الحاضرين كانوا غير مقتنعين بمبرر المجلس البلدي بما فيهم أعضاؤه.
دخل مشروع مستشفى القصر الكبير أرجوحة قد يكون، وقد لا يكون، ودخل البروفيسور مصطفى العزوزي رئيس المؤسسة رهان التحدي الإيجابي، ودخل مناهضو المشروع التحدي السلبي. انتهت حلقة درامية من مسلسل “الإنجاز العلمي والموقف السياسي”، لتبدأ حلقة أخرى من مسلسل هدر فرص التنمية.
ملحوظة: ذاكرتي لا تقوى على استحضار التواريخ، فكل كبيرة وصغيرة، ومواعيد الاجتماعات بكل دقة تجدونها مدونة في محاضر الكاتب العام لمؤسسة القصر الكبير للتنمية، أما عبد ربه فسيسرد ما تجود به الذاكرة، وتسعفه اللحظة.